اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

الوجه الخفي للعلاقات «اليمنية – الإسرائيلية».. كيف تلاعب الشمال بالشعارات عبر الزمن؟

النقابي الجنوبي/خاص

هل يمكن الوثوق بشعارات العداء؟

في عالم السياسة، الشعارات غالبًا ما تكون أداة تخفي واقعًا مختلفًا تمامًا. فكيف يمكن لقوى الشمال اليمني أن ترفع شعارات معاداة إسرائيل بينما تنسج في الخفاء علاقات وثيقة مع الكيان الصهيوني؟ هذه المادة تسلط الضوء على الحقائق المخفية التي تكشف عن ازدواجية الخطاب السياسي لدى الحوثيين، حزب الإصلاح (الإخوان المسلمون)، وحزب المؤتمر الشعبي العام، وكيف استخدموا العلاقات مع إسرائيل لتحقيق مصالحهم الخاصة.

الحوثيون.. شعارات العداء ومصالح الخفاء

رغم أن الحوثيين يرفعون شعارات معاداة إسرائيل بشكل يومي، إلا أن الوقائع تشير إلى وجود مسارات سرية تجمع الطرفين. في عام 2015، ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تسجيل مصور وهو يستعرض مخطوطة توراة نادرة وصلت من اليمن خلال استقباله الحاخام اليمني سليمان دهاري. الحاخام دهاري، الذي تربطه صلات بالإعلام، ظهر في صور وهو يحمل سلاحاً يحمل شعار الحوثيين، مما يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الطرفين.

هذه الواقعة جاءت متزامنة مع عملية تهجير 17 يهودياً يمنياً إلى إسرائيل، حيث تم تهريب مخطوطة توراتية نادرة. مصادر غير رسمية تشير إلى أن هذه الصفقة وفرت للحوثيين مبالغ مالية كبيرة قُدّرت بمائة مليون دولار، إضافة إلى تسهيلات في تمرير شحنات سلاح عبر شبكات التهريب المرتبطة بالجماعة.

حزب الإصلاح.. تحولات استراتيجية نحو إسرائيل

حزب الإصلاح، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في اليمن، بدأ يظهر تحولات غير مسبوقة في توجهاته الاستراتيجية. رغم أن الحزب كان معروفًا بتحالفاته التقليدية مع دول الخليج، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت دعوات من قياداته إلى الانفتاح على إسرائيل تحت ذريعة مواجهة الحوثيين وقطع النفوذ الإيراني.

قناة 24 الإسرائيلية بثّت سلسلة حلقات ناقشت الوضع في اليمن والمخاطر التي يسببها الحوثيون للملاحة الدولية في البحر الأحمر. خلال هذه الحلقات، ظهرت تصريحات لقيادات في الحزب تدعو بشكل واضح إلى التنسيق مع إسرائيل سياسياً وعسكرياً. هذه الشهادات تكشف أن خطاب العداء المعلن لم يعد يتسق مع توجهات الحزب الجديدة في ظل تعقيدات الحرب.

حزب المؤتمر الشعبي العام.. قنوات مباشرة مع تل أبيب

حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يقوده الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح (عفاش)، سجل سوابق واضحة في إقامة قنوات اتصال مع إسرائيل. وثقت صور ووثائق زيارة وزير الخارجية اليمني الأسبق عبدالكريم الإرياني إلى تل أبيب عام 1994، حيث التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز طالباً دعمه وإسناده في الحرب ضد الجنوب (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية).

تقارير أخرى كشفت عن لقاءات للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح (عفاش) مع مسؤولين إسرائيليين، حيث عرض تسهيلات لوجود الأساطيل الإسرائيلية في سواحل الحديدة والبحر الأحمر مقابل مساندته في اجتياح الجنوب. هذه العلاقات تعود إلى ما بعد حرب أكتوبر 1973، عندما أقدمت البحرية الجنوبية بالتنسيق مع البحرية المصرية على إغلاق مضيق باب المندب ومنع مرور النفط الإيراني إلى إسرائيل لمدة ثمانية وعشرين يوماً، مما ألحق ضرراً كبيراً بتل أبيب ودفعها إلى بناء علاقات استراتيجية مع قوى الشمال اليمني.

التاريخ يعيد نفسه.. ملف اليهود اليمنيين ورقة سياسية

ملف اليهود اليمنيين ظل ورقة سياسية قابلة للاستثمار منذ مطلع القرن العشرين وحتى اليوم. في عهد الإمام يحيى حميد الدين، شهدت اليمن صفقات كبرى لترحيل اليهود اليمنيين إلى فلسطين المحتلة. عملية “بساط الريح” بين عامي 1949 و1950 كانت أبرزها، حيث تم نقل ما يقرب من خمسين ألف يهودي يمني في إطار اتفاق إقليمي ودولي عُرف في الغرب باسم “على جناح النسر”. هذه الأحداث تؤكد أن العلاقة مع إسرائيل ليست وليدة اللحظة، بل هي نهج متجذر في سياسات قوى الشمال اليمني.

اتهامات بلا أساس

اتهامات قوى الشمال اليمني للجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل لا تعدو كونها أدوات تضليل سياسي هدفها التغطية على تاريخ طويل من التنسيق والصفقات مع الكيان الصهيوني. الشعارات العدائية ليست سوى ستار تخفي وراءه هذه القوى مصالحها الحقيقية، لتثبت مرة أخرى أن السياسة غالبًا ما تكون لعبة مصالح أكثر منها قناعات.

زر الذهاب إلى الأعلى