اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

دائرة

سحر عبداللاه صالح مثنى

كان علي أن انتقم منها بعد أن سرقت البساط من تحت قدمي وبكل سهولة، فخططت جيدا لاسترداد ما أخذته.. فلم تروقني تصرفاتها البتة، وكانت همي الشاغل، وكان كل شيء على ما يرام وعلى ذات النمط الذي يلائمني إلى أن أتت في ذاك الصباح الماطر وملابسها مبللة.
موعد المقابلة قد تم تحديده واتفق عليه التاسعة صباحا إلا أنه لم يحضر أحدا بسبب أجواء الطقس ولأنّ المطر تساقط الساعة الثامنة بعد أن أصبحنا في الشركة، كنت حاضرة هذا الموقف، وقتئذ صادف خروج مدير الشركة وهي تجلس على كراسي الانتظار أمام مكتب الموارد البشرية لإجراء المقابلة.
تعجب المدير من رؤيتها بحالتها هذه فسألها مستفسرا عن الأمر وإذا بها تجيبه بأنّها المتقدمة الجديدة للوظيفة المعلنة من قبلهم، التفت وقتها إلى النافذة التي كانت أمامه وارتسمت على وجهه معالم الاستغراب حول قدومها بهكذا طقس.
تناول ملفها عنذئذ وقرر أن يفعل لها المقابلة شخصيا بعد أن التمس إصرارها على شغل الوظيفة وبعد ذلك أصدر قرارا بالموافقة فأنضمت إلى مكتبنا.
حينئذ صبت كل اهتمامها بالعمل وكانت في كل مرة تبدي حسنا تتوجه إليها كلمات المديح والتشجيع وأنا التي كانت تحظى بكل هذا النعيم، رغم أنّني في كل مرّة أخبرها بعدم الإفصاح عن أي أفكار جديدة بحجة أن لدينا نظام معين نتبعه في الشركة، ولكنّها تجاهلتني ومضت في التعبير عن أفكارها في الاجتماعات فكانت النتيجة أثمر عملها بالنجاح وحصلت على مكافأة تشجيعية في غضون أشهر قليلة.
اشتعلت النيران بداخلي، إنّه لمن المرهق أن ابذل ذات المجهود الذي تبذله وأنا التي اعتادت على ذات الروتين والراحة ورغم ذلك كنت مصدر اهتمام زملائي بضحكاتي والوجبات اللذيذة التي كنت أقدمها لهم أغلب الأوقات فخلقت جوي الخاص.
وحتى استرد ما نهب مني انتهزت الفرصة عندما طلب منها مدير الشركة أن تعد عرض للمشروع الجديد أمام المستثمرين وهذه فرصتها لتترقى، فحضّرت له جيدا دون كلل حتى أتى الموعد.
وقفت أمام الجميع وهي بكامل أناقتها وفتحت شاشة العرض وإذا بأحد المستثمرين يخرج غاضبا ثم تلى ذلك الآخرين، كنت قد بدّلت جهاز الفلاش الصغير بذاته آخر ونسخت فيه محتوى لإشاعة فضيحة علمتها مؤخرا من أحد الأصدقاء صدفة عن أحد المستثمرين وكانت بحوزته بعض الصور فوضعتها بمقدمة العرض.
انهالت الشتائم عليها وقتها من قبل المدير قائلا:
– لقد اعتمدت عليك كليا.. أنتِ لا تعلمي كم كان هذا المشروع مهما بالنسبة لي..
– ولكن يا سيدي، أنا لا أعلم كيف حصل هذا؟!
– لا تعلمين؟! وهل أنا ساذج لأصدقك.. يا إلهي؛ أكنت تتصنعين البراءة وأنت تعملين لصالح شركة أخرى حتى تؤذينني.
– أرجوك اسمعني يا سيدي، أنا ليس لي ذنب من كل هذا..
– أخرجي حالا ولا أريد رؤية وجهك هنا مرة أخرى.
لملمت كل أغراضها وهي تذرف الدموع وأنا في قمة سعادتي فقد انتصرت أخيرا عليها ولم تأخذني رأفة تجاهها، وما إن خرجت من بوابة الشركة حتى سمعنا صوت اصطدام لسيارة وإذا بنا نخرج جميعا فكانت المفاجأة.
لقد دهستها سيارة مسرعة دون أن تنتبه إليها وهي ملقية على الأرض وغارقة بدمائها وأغراضها متناثرة هنا وهناك، لا استطيع وصف ذاك الشعور الذي انتابني فلأول مرّة شعرت بأنّني لست إنسان وأنّني ربما خلقت كشيطان ولكن على هيئة بشر.. أخذوها للمستشفى ولكن للأسف لم يستطيعوا إيقاف النزيف الداخلي فتوفت مباشرة.
لم تكتمل فرحتي بطردها وعدت إلى المنزل وأنا في حالة ذهول مما جرى لدرجة أنّ النوم لم يزورني في تلك الليلة ورغم ذلك نهضت وذهبت إلى العمل، ومباشرة وما إن وصلت حتى استدعاني مدير الشركة وهناك تفاجأت بوجود الشرطة وقتها أخبروني أنّني من سرقت جهاز الفلاش الصغير ومن تسببت بكل هذا وأن كاميرا صغيرة سرية قد رصدتني حتى اعترفت باكية بكل ما جرى رغم أنّني على علم سابقا بعدم وجود كاميرات في المكاتب، وقبل أن تأخذني الشرطة قال لي المدير لم تكن هناك أي كاميرات ولكن انطلت علي هذه الحيلة حتى اعترف؛ لأن قبل مغادرتي بالأمس من الشركة وأنا في حالة توتر سقطت حقيبتي على الأرض وقد كانت مفتوحة فرآني المدير وقتها وأنا أدخل حاجياتي بشكل عشوائي فسقط مني جهاز الفلاش الخاص بجمانة دون أن انتبه فوجده.

زر الذهاب إلى الأعلى