*التوافق في ظل الصراع*

نصر هرهره
كثيرة هي الكتابات التي تنتقد الانتقالي لانه دخل في تحالف مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا حيث ترى تلك الكتابات ان تحالف الضرورة هذا عبارة عن زواج عن حب وغرام بين الانتقالي وقوى النفوذ المكونه للحكومة اليمنية.
وها هي اليوم تاتي لتتندر على المجلس الانتقالي بان وجوده في الحكومة لم يحقق طموح شعب الجنوب ، بما معناه انها تصنع الفكرة التي تريدها عن هذا للتحالف خارج عن السياق الذي جاء في اطاره و الضرورات التي فرضته ، وبعد فترة تاتي لتنتقد عدم نجاحه.
وهذا ليس له غير تفسيرين فقط اما انها تتبع ذلك بهدف خبيث يستهدف تطلعات شعب الجنوب او انها تتبع هواها عن جهل وعدم دراية بمجريات الامور ولا تنظر من منظار الاهداف والتطلعات الاستراتيجية والاتفاقات الأنية ، وفي نفس الوقت فان المنطق يضعنا امام حقيقة هي ماذا قدم وزراء الانتقالي من رؤى ومعالجات لمشكلات الجنوب المعيشية والخدمية ومكافحة الفساد.
ولماذا لم تتحسن تلك الاوضاع؟ ، هذا امر لا يخص وزراء الانتقالي لوحدهم ولكن يخص الانتقالي بشكل عام ، واذا كان قد قدمت مثل تلك الرؤى لماذا لم تطبق وما هي العوائق ؟ ولماذا لم يخرجوا لناس عبر وسائل الاعلام و يعلنوا الحلول والمعالجات للمشاكل التي قدمها ومن الذي أعاق تنفيذها ، ولا نريد مبرر ان حجم الموارد او الموازنات محدود لا يسمح في النهوض بالبلد لاننا نعود ونقول ان حكمة القيادة والرؤى الصحيحة عند قصور الموازنات يتجلى من خلال معالجة الاولويات فالناس لا تطلب الا بما تسمح به الموارد بحيث تخلو من الفساد او على الاقل يقلل من الفساد فيها .
هكذا البعض يصنع الفكرة التي ينتجها له عقله عن تحالف الضرورة ثم ينتقدها ليطرح الامور في هذا الصياغ الذي اشرنا اليه وبهذا الوضوح ولا يهمه غير المناكفات او تنفيذ اجنده يتبناها.
هناك من يعتقد ان الانتقالي مرتاح لهذا الوضع وهذا التحالف ولا يهم افراده غير مصالحهم الخاصة ، وهذا امر يجافي الحقيقة ففي الانتقالي قيادة جماعية ومافي شيء يمر إلا بعد ان تقره تلك القيادة الجماعية وهي تقف باستمرار اما عمل افرادها و ممثليها في الحكومة وتنتقد وتحاسب وليست الامور سايبه كما يتصور البعض.
صحيح هناك نواقص وأخطأ و اختلالات يتم تصحيحها باستمرار ، و الانتقال هو افضل ما انتجت الحركة الوطنية الجنوبية ولاول مره الجنوب في تاريخه الطويل يمتلك مشروع وطني جنوبي نظيف بعيد عن الايدلوجيات الاممية والقومية واليمننة وبعيد عن الافكار المتطرفه اليمنية واليسارية والدينية ، ولا يخفى على احد ان الانتقالي دخل في تحالف الضروره باسمه وصفته ككيان سياسي جنوبي ينشد خيار الدولة الجنوبية المستقلة كاملة السيادة ويعلن ذلك جهار نهار دون تردد ويعرف حلفاءه وخصومة هذه الحقيقة تماما ويتعاملوا معه على هذا الاساس ولم يسبق لاي كيان سياسي جنوبي ان دخل في مثل هذه التحالفات بهذه السياسات والتوجهات و الاجندة المعلنة.
ينتقد البعص الانتقالي انه بهذه التحالف يسمح لنفسه ما حرمه ويحرمه على الاخرين وهذا منطق ونهج سياسي يتبعه خصوم الجنوب مساوين بين تحالف الضرورة والتمثيل الديكوري للجنوب ، لانهم لا يروا الفرق او انهم يحاولوا ان لا يظهروه عنوة لتبرير خذلانهم للجنوب فحين تاتي الى الحكومة في اطار تحالف الضرورة باسم كيان مستقل يخص الجنوب وينشد استعادة دولة الجنوب وتمتلك قوات مسلحة جنوبية واجهزة امن يختلف كثير عن ان ياتي بك الطرف الاخر لانك موالي له وضعيف لاحول لك ولا قوة لكي يجعل منك ممثل ديكوري للجنوب تنشد نفس سياسة ونهج وهدف مراكز نفوذ صنعاء او حزب يمني المنشأ لازال يعمل من اجل ضم والحاق الجنوب وطمس هويتة.
وكثير هي الكتابات التي لا ترى الا الانتقالي لوحده في الساحة الجنوبية بقصد او بدون قصد ايضا لا يدركوا ان البلد تحت البند السابع وان هناك تحالف عربي متواجد بقوة وان هناك حكومة يمنية ومجلس قيادة يمني في معاشيق يتحكم بمقاليد الامور وان هناك صراع قوي حول تنفيذ اتفاق الرياض ومشاورات مجلس التعاون الخليجي وان في اطار هذا التحالف توجد اجندات مختلفه بل ومتصارعة للاطراف المكونه لهذا التحالف واهمها انه في الوقت الذي ينشد المجلس الانتقالي الجنوبي هدف استعادة دولة الجنوب المستقلة فان قوى النفوذ اليمنية في اطار هذا التحالف تنشد استمرار ضم والحاق الجنوب لنظام صنعاء والاستمرار في انتهاك سيادته ونهب ثرواته وطمس هويته.
وهناك اجندات لدول التحالف العربي وللمجتمع الدولي ولدول اقليمية اخرى وان الوضع بهذا التركيب وهذا التعقيد يصعب مهمة المجلس الانتقالي الذي كاد النصر الجنوب ان يخطف من شعب الجنوب لو لم يظهر المجلس الانتقالي ويمسك ويتمسك بهذا النصر.
كنا ان الكثيربن لا يدركوا ان مايجمع الانتقالي مع القوى الاخرى في اطار تحالف الضرورة هو الحرب ضد الحوثي فقط وما غير ذلك هو في حالة صراع معها.