التواصل الإنساني بين الواقع والافتراض: ماذا لو اختفت السوشيال ميديا؟

كتب/ محمد سالم الحالمي
يشكل وجود فيسبوك وتويتر وإنستجرام وواتساب جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، حتى صار غيابها ضرباً من الخيال. لكن ماذا لو استيقظنا يوماً ولم نجد لهذه المنصات أثراً؟
في غيابها، سيتحوّل التواصل الإنساني من فضاء افتراضي سريع إلى فضاءات واقعية أبطأ، وأكثر عمقاً. ستعود اللقاءات المباشرة والمكالمات الهاتفية الطويلة والرسائل الورقية إلى الواجهة، لتعيد لنا شكلاً من أشكال القرب الإنساني الذي غاب في ظل سرعة العصر الرقمي. غير أن هذا القرب سيظل محدوداً جغرافياً، إذ سنفقد القدرة على التواصل العابر للحدود الذي مكّن الملايين من تبادل الأفكار والثقافات في لحظات.
ثقافياً، سيمنح غياب السوشيال ميديا فرصة للعودة إلى القراءة المتأنية والتفكير العميق، بعيداً عن إيقاع “الإعجابات” السريع. ربما ينشأ جيل أكثر التصاقاً بواقعه المباشر، لكنه في المقابل قد يخسر تنوع الرؤى الذي منحته المنصات الرقمية.
أما على المستوى الاجتماعي والسياسي، فستتأثر حركة تبادل المعلومات والحملات الإنسانية، إذ لم يعد ممكناً إيصال صوت فرد أو قضية إلى العالم خلال دقائق. هذا سيجعل التغيير أبطأ، لكنه قد يدفع المجتمعات إلى الاعتماد على أساليب بديلة أكثر استمرارية في التعبير والتأثير.
إذن، اختفاء السوشيال ميديا لا يعني مجرد انقطاع تكنولوجي، بل تحوّلاً جذرياً في علاقة الإنسان بذاته وبالآخرين. إنه انتقال من فضاء افتراضي واسع وسريع إلى واقع أضيق وأكثر هدوءاً، يفتح الباب أمام سؤال جوهري: أيهما أكثر إنسانية، الصخب الرقمي أم الصمت الواقعي؟