اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

“الزينبيات.. حراس الأخلاق في عالم من الكوميديا السوداء

كتب /مروان قائد محسن

في صنعاء، العاصمة التي كانت في يوم من الأيام رمزاً للتعايش والسلام، أصبح لدينا الآن نوع جديد من البطلات السوبر، نعم، إنهن “الزينبيات”، النسخة اليمنية المعدلة من أبطال الأكشن، لكن بدلاً من أن يحملن دروعًا لحماية النساء، يحملن كابلات كهربائية وأسلاكًا معدنية، وكأنهن يستعدن لمنافسة جديدة في برنامج “العنف الطائفي”!

تخيلوا المشهد، امرأة تسير في الشارع، فجأة تنقض عليها مجموعة من الزينبيات، مسلحات بالقبضات الحديدية والكابلات وكأنهن في معركة مصيرية لتحرير الفتاة من أي ذرة كرامة متبقية لديها، كل هذا تحت شعار “حماية الأخلاق” و”تربية النساء على الطاعة”، يبدو أن تعريف الزينبيات للأخلاق يشمل بالضرورة عدد الضربات التي تتلقاها الفتاة حتى تتعلم أن الحرية كلمة لا وجود لها في قاموسهن.

الزينبيات لم يكتفين بالجلد فقط، بل تطور الأمر إلى فنون جديدة في التعذيب، فقد أصبح “الكهرباء المنزلية” ليست للاستخدام المنزلي فقط، بل للاستخدام اليومي على الأجساد المتمردة، هل تعتقدين أن لديك رأيًا؟ الكابل بانتظارك، هل تجرأتِ على التعبير؟ العصا جاهزة، وكل هذا يحدث بتقنية مذهلة تجعلنا نتساءل: هل هناك دورة تدريبية خفية للزينبيات في كيفية استخدام أدوات التعذيب؟

وإذا كنتِ تعتقدين أن الزينبيات يكتفين فقط بالاعتداء الجسدي، فأنتِ مخطئة تماماً، لأنهن أيضاً “رائدات” في عمليات الاختطاف، في لحظة قد تجدين نفسكِ قد اختفيتِ دون أثر، وكأنكِ دخلتِ إلى مثلث برمودا، لا أحد يعرف كيف أو متى سيحدث الاختفاء، لكن الزينبيات يمتلكن القدرة على خطفكِ مثل اللصوص المحترفات، لأن حماية الأخلاق تتطلب أحياناً بعض الأساليب الغامضة، كأن تخرج المرأة من بيتها ولا تعود إلا بعد “إعادة التأهيل” في أحد السجون.

المضحك أن الزينبيات لا يرين أنفسهن قمعيات، بل يعتقدن أنهن “محررات” للمرأة اليمنية، والوسيلة للتحرير في نظرهن هي جلد المرأة حتى تقتنع بأن مكانها الطبيعي هو تحت وطأة السلطة الطائفية، وأن كل صوت يعلو هو صوت يجب إسكاتُه، وكل حركة يجب قمعُها، وكل رأي يجب سحقُه بالكهرباء.

ومن غرائب الأمور أن الزينبيات لسن شخصيات من أفلام الخيال العلمي، بل هن نساء يمنيات، كان من المفترض أن يكنَّ داعمات لأخواتهن، لكنهن اخترن أن يكنَّ أدوات في يد الطغيان، وكأنهن قررن التخصص في قمع النساء وتدمير حياتهن. بينما العالم يتحدث عن تمكين المرأة وحقوقها، نحن في اليمن نحاول فقط حماية النساء من “التحرير الزينبي”، حيث الكرامة تُضرب على رأسها بالكابل.

الزينبيات، بتناقضهن وسخريتهن من كل ما هو إنساني، يجعلننا نعيد التفكير في تعريف القوة والضعف، فالقوة لديهن لا تأتي من العقل ولا من الحوار، بل من العصا والكهرباء، أما الضعف فهو في تلك الفتيات اللواتي يسقطن ضحايا لهن في الشوارع والسجون، بينما يجلسن على عروشهن الخفية، يحرسن “أخلاق المجتمع”، فيا لها من أخلاق تحتاج إلى كابل وسوط وسجن لتبقى على قيد الحياة.

في النهاية، لا يسعنا إلا أن نشكر الزينبيات على هذا العرض المثير للسخرية، لأنهن أثبتن لنا أن الطغيان لا يحتاج إلى منطق، بل إلى كابل كهربائي وعصا، وكأنهن يقدمن عرضًا كوميديًا مؤلمًا يجعلنا نتساءل: هل سيأتي يومٌ نرى فيه الزينبيات يواجهن أنفسهن ويكتشفن أنهن جزءٌ من مسرحية عبثية تكتب فصولها في ظلام السجون؟

مروان قائد محسن علي

زر الذهاب إلى الأعلى