حديث رمضان .. رائد العفيف يكتب عن هجرة الحبشة: رحلة الصبر والإيمان ( 13 )

رائد العفيف
في كنف النجاشي، عاش المسلمون حياةً هادئةً هانئةً. تعلّموا من ثقافة الحبشة، وشاركوا أهلها في شتى مجالات الحياة. وازداد إيمانهم قوةً وعزماً، وازدادت ثقتهم بنصر الله تعالى.
لكن، لم تدم سعادة المسلمين في الحبشة طويلاً. فقد حاولت قريش بكلّ ما أوتيت من قوةٍ إقناع النجاشي بتسليمهم، فبعثت وفدًا إليه محملاً بالهدايا، وطلبت منه تسليم من هاجر من المسلمين.
واجه جعفر بن أبي طالب، أحد المهاجرين، وفد قريش بحكمةٍ وبلاغةٍ. شرح للنجاشي مبادئ الإسلام، وأخبره عن إيمانهم بالله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. تأثر النجاشي بكلام جعفر، وأعلن رفضه تسليم المسلمين لقريش.
عادت قريش خائبةً من الحبشة، وازدادت غضبًا من المسلمين. لكنّ إيمان المسلمين ازداد قوةً، وثقتهم بنصر الله تعالى ازدادت رسوخًا.
بعد فترةٍ من الزمن، وفد على الحبشة وفدٌ من المسلمين يخبرون النجاشي بإسلام قريش ودخولهم في الدين الإسلامي. فرح النجاشي فرحًا عظيمًا، وسمح للمسلمين بالعودة إلى مكة.
عادت هجرة الحبشة بنتائج عظيمةٍ على الإسلام. فقد ساعدت على نشر الإسلام في بلاد الحبشة، ووفّرت للمسلمين ملاذًا آمنًا من الاضطهاد، وعزّزت إيمانهم وثقتهم بنصر الله تعالى.
هجرة الحبشة هي رمزٌ للمقاومة في وجه الظلم، ونموذجٌ للبحث عن الأمان، ودافعٌ لنشر الدعوة الإسلامية. إنها ملحمةٌ بطوليةٌ سطّرها المسلمون الأوائل، ودرسٌ خالّدٌ في معاني الصبر والإيمان والحرية