ليلة صمود القطاع

عمر الحار
خرجت غزة من ليلتها المحرقة بسلام، وقدرة على الثبات اكثر واقوى مما مضى ، بعد امتصاصها بحكمة لحمم البركان المتساقطة عليها في ليلة لامثيل لها في تاريخ الحروب، من ناحيتي المساحة، وكثافة التغطية النارية، مما سيعمق عقدة اسرائيل وحلفائها من حماس، وبما يفرض عليها التراجع عن خيار مواصلة الحرب، والبحث عن مسارات اخرى للخروج من مصيدة غزة التي نصبت لها بدقة قاتلة ولها تأثيراتها الايجابية والسلبية على الطرفين وعلى اكثر من صعيد، حال الاحتكام لقانون الفيزياء الحاكم والناظم، لقواعد الافعال واستحالة الاقرار بصورة الخروج عليها مهما كان شكلها وطبيعتها، أو المحاولة بالتفكير في تغيير قطبي معادلتها بغض النظر عن براعة وقدرات اطرافه، تظل فرضياتها هي الاقوى ومن المسلمات بنتائجها على الواقع. دون المبالغة والتهويل والتقليل بالقدرات العسكرية والقتالية لكل من حماس واسرائيل على شقة البون الواسعة بينهما، غير القابلة اساسا للمناظرة او الجدال . تقاتل حماس بعقيدتها وايمان رجالها وارضها، وتقاتل اسرائيل بالعالم، ورب صناعة الحروب الحديثة الفتاكة، لذلك يصعب حساب النصر والخسارة في المعركة على الميدان، ولكن يمكن حسابها بدقة طغيانها في الميزان المعنوي لكل من طرفي الصراع ، في ظل وجود مؤشرات عديدة تشير بتقدم حماس في هذا المجال وبفارق كبير على اسرائيل الواقفه مع داعميها في حرج شديد ، عقب التعاطف الدولي غير المسبوق مع القطاع ، وسماع اصوات المعارضة عليه في كل بقاع العالم ، والداخل الاسرائيلي كعلامة فارقة وحقيقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الطويل الامد والقابل للبناء عليه لتغيير شوكة المعادلة الازلية مابين قانون القوة ، وقوة القانون .
وتمكنت حماس ومن اللحظة الاولى لعملية طوفان الاقصى من كسر الاحتكار الاسرائيلي لصناعة الرأي العام الدولي المؤثر والموجه للحكومات الغربية وقراراتها، وفازت بقصب السبق في كسب التعاطف الدولي معها الاخذ في الاتساع كل يوم ، والمؤهل للقفز للدرجات كبيرة جدا وغير متوقعة ، بهجوم اهل السبت عليها لتجد حيتان الموت بانتظارهم على خط التماس او غلاف غزة بما للتسمية من جمالية في التعبير البلاغي ، لا على شطآن بحرها العربي العميق .