(لقائي الأول مع كارلوس زافون).

كتبت/ رانيا عبدالله
تُعد (ظل الريح) موعد لقائي الأول بكارلوس زافون_الروائي الإسباني_ ولا أنكر أن اللقاء أتى ثماره بأن يعلق في ذاكرتي جيدًا اسم هذا الروائي و أنا أحصي العدد القليل من الروائيين الذين تترك رواياتهم صدًا أدبيًا جميلًا في وجداني و أثرًا واضحًا في ذائقتي الروائية و حصتي الثقافية، فقبل الحديث عن مضمون الرواية يأخذ أسلوب كارلوس زافون بناصية انتباهي لأجده جاذبًا منذ بداية اللقاء في الطريق إلى مقبرة الكتب المنسية حيث يشد زافون وثاق عاطفة القارىء إلى وتد أبرز شخصيات روايته الطفل (دانيال) …الطفل المسكون بحب الكتب و مطاردةِ طيف أمه الراحلة بين الذكريات و الأحاديث …
(ظل الريح) تروي الحكاية و تلعب دور البطولة في آنٍ واحد عن روائي مغبون كتب رواية (ظل الريح) التي لم يبقَ منها سوى نسخة وحيدة يرسلها القدر إلى بين كفي (دانيال) لتبدأ الحكاية التي تتشابك خطوطها فتلحقها لحلها بلهفة و استمتاع.
تبرز براعة زافون بتزاوج التضاد في كل تفاصيل الرواية…تضاد الشخصيات…وتضاد أقطاب الحياة من خير وشر…وتضاد الماضي والحاضر.
يرسم زافون شخصياته بعناية فائقة تجعلها متجسدة في وجدان القارىء، كما أن الحبكة المليئة بالعواطف المتعددة، و التناقضات الصادقة، و الحس التشويقي المتسارع لا تترك مجالًا للملل…
يسرقك زافون بأسلوبه الساحر الذي تولى المترجم (معاوية عبدالمجيد) أمانةَ نقله فكان أهلًا لتلك الأمانة؛ بل وجعلها من أجمل الترجمات التي قرأتها فقد كنت أسهو بين الحين والآخر عن أنني أقرأ رواية مترجمة حين أتأمل جمال المعاني و الفنون الصياغية بكل تفاصيلها…
تجري أحداث (ظل الريح) بين أحضان مدينة ( برشلونة)
تحملك إلى هناك زمانًا ومكانًا لتلتحم مع أحداثها وتُلقي عليك ظلال مآسي فترة أحداثها من ظلم الدكتاتورية و اضطهاد البرجوازية التي تهب عليها رياح الحب مقاومةً وحاملةً للأمل!
و رغم أن شيئًا من الفتور أصاب شدّي و انبهاري بها في بعض تفاصيل النهاية، إلا أن ذلك لا يمنع من أن تصبح (ظل الريح) رقمًا صعبًا في صفحة قراءاتي…
* قرأت الرواية في 2020 ويبدو أنني في حينها كتبت نصف هذه القراءة و لكن ذاكرتي الخائنة تخلت عن سبب عدم إكمال كتابتها…لكنني عدت اليوم للبحث عنها و إكمالها بعد أن هممت بأخذ موعدٍ آخر مع كارلوس زافون تحت عنوان (سجين السماء)
رانيا عبدالله