اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

يسقطون المدن… ويتهمون الجنوبيين

 

رائد عفيف

لعبة الاتهام الجاهز

في كل محطة من محطات الانهيار العسكري والسياسي في الشمال، يتكرر المشهد ذاته: تُسقط المدن والمعسكرات، وتنهار الجبهات، ثم تُوجَّه أصابع الاتهام نحو الجنوبيين، وكأنهم وحدهم من يملك القرار والجيش والعتاد.

– عمران سقطت وهي تحت سيطرة عشرات الآلاف من المقاتلين، ومع ذلك قيل إن هادي هو من سلّمها لأنه صرّح بأنها “عادت إلى الدولة”.
– صنعاء اجتاحها الحوثيون وفيها الفرقة الأولى مدرع، 26 لواء ميكانيكي، وأكثر من مليون مقاتل إصلاحي، لكن الاتهام وُجِّه إلى وزير الدفاع الجنوبي محمد ناصر، فقط لأنه جنوبي.
– المحافظات الشمالية كلها سقطت بمجرد مكالمات هاتفية، ومع ذلك قيل إن هادي هو من أسقطها.

المفارقة أن أوامر هادي لم يكن ينفذها حتى حراسه الشخصيون، وأوامر وزير الدفاع محمد ناصر لم يكن يلتفت إليها حتى مدير مكتبه، ومع ذلك حُمِّلوا المسؤولية كاملة لأنهم جنوبيون. واليوم يتكرر السيناريو ذاته مع وزير الدفاع الداعري، إذ يُحمَّل ما جرى في حضرموت فقط لأنه جنوبي.

ازدواجية المعايير

حين سقطت الجوف ونهم في عهد علي محسن الأحمر والمقدشي، وضاعت المعسكرات بيد الحوثي، لم يذكرهم أحد بسوء. بل على العكس، يُقدَّمون كـ”عظماء فاتحين” ويُشبَّهون بصلاح الدين وخالد بن الوليد، رغم أن القرار والجيش والعتاد كان بأيديهم.

هذه الازدواجية تكشف أن القضية ليست في الأداء العسكري أو القرارات، بل في الهوية. فالجنوبي يُحمَّل وزر كل سقوط، بينما الشمالي يُرفع على الأعناق حتى وهو يغرق في الفشل.

الحقيقة المرة

لن يرضوا عنكم مهما قدمتم، ولو حولتم بحر عدن إلى عسل دوعني. فالمعادلة مرسومة سلفًا: الجنوبي متهم دائمًا، والشمالي بطل حتى في الهزيمة.

هذا الخطاب ليس مجرد سرد للتاريخ القريب، بل هو دعوة لوعي جنوبي صلب، يدرك أن المعركة ليست فقط مع الحوثي أو مع الانهيار العسكري، بل مع منظومة إعلامية وسياسية لا ترى في الجنوبي سوى كبش فداء.

زر الذهاب إلى الأعلى