اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

وفد المناخ اليمني… رحلة رسمية تثير الغضب في بلد يعيش على حافة الانهيار

 

النقابي الجنوبي / خاص

تسببت مشاركة وفد حكومي يمني في مؤتمر دولي معني بالمناخ في موجة غضب شعبي واسع، في ظل الظروف الاقتصادية والخدمية القاسية التي تعيشها البلاد. فبينما تنعدم الكهرباء في معظم المناطق لساعات طويلة، وتتراجع الخدمات الأساسية إلى حدود غير مسبوقة، يعيش موظفو القطاع العام وضعًا ماليًا شديد الصعوبة بعد تأخر صرف الرواتب لأشهر متتالية، الأمر الذي جعل قرار مشاركة الوفد يبدو منفصلاً عن واقع الداخل.

اتساع فجوة الأولويات

يأتي تشكيل وفد رسمي كبير إلى مؤتمر دولي في وقت تعاني فيه الدولة من عجز واضح في إدارة التزاماتها الأساسية. فالمواطنون يواجهون نقصًا حادًا في الخدمات، وتدهورًا متسارعًا في البنية التحتية، فيما لا يزال ملف الرواتب معلّقًا منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، دون وجود حلول ملموسة أو جداول زمنية واضحة للمعالجة. هذه المعطيات دفعت مراقبين إلى التساؤل عن مدى اتساق المشاركة الخارجية مع حجم الضغوط الداخلية، وعن قدرة الحكومة على تبرير إنفاق إضافي في وقت تتراجع فيه قدرتها على تغطية الاحتياجات الأساسية.

غياب المكاشفة حول تفاصيل المشاركة

ورغم تأكيد بعض الجهات الرسمية أن المشاركة تأتي في إطار الالتزامات الدولية للدولة، لم تُقدَّم أي بيانات تفصيلية حول حجم الوفد، أو تكاليف الرحلة، أو الجهة الممولة لها، ما عزز حالة الشك لدى الرأي العام. كما أثار اختيار بعض أعضاء الوفد تساؤلات حول مدى ارتباطهم بالملف البيئي، وهي نقطة وُصفت بأنها تعكس إخفاقًا في إدارة الموارد البشرية في وقت حرج.

مشهد خدماتي منهار… وقرارات مثيرة للجدل

تعيش البلاد وضعًا خدماتيًا يُعدّ من الأسوأ في المنطقة؛ فالكهرباء شبه معدومة في عدة محافظات، ومحطات التوليد تعمل بقدرات محدودة لا تكفي لتلبية الحد الأدنى من الطلب. كما تشهد المستشفيات والمدارس والقطاعات الحيوية الأخرى تراجعًا واضحًا في مستوى الخدمات، نتيجة انقطاع الإمدادات ونقص التمويل والتأخر المستمر في دفع المرتبات.

في هذا السياق، تحوّلت رحلة الوفد إلى عنوان لانتقادات واسعة، اعتبرها مواطنون ومهتمون “هروبًا من الواقع” و”مظهرًا بروتوكوليًا لا يتناسب مع حجم الانهيار الاقتصادي”. وبحسب ما تداوله ناشطون على منصات التواصل، فإن أي مشاركة خارجية لا تستند إلى خطة واضحة أو نتائج قابلة للقياس، تصبح عبئًا إضافيًا على خزينة تعاني أصلاً من العجز.

غضب شعبي يتّسع

لم تقتصر الانتقادات على المراقبين، بل امتدت إلى شرائح واسعة من المجتمع، عبّرت عن استيائها مما اعتُبر تجاهلاً لمعاناة المواطنين، ورغبة في الحفاظ على صورة رسمية في الخارج على حساب معالجة التحديات في الداخل. وذهب بعضهم إلى القول إن “أولوية الحكومة يجب أن تكون إعادة بناء الخدمات وصرف الرواتب، لا المشاركة في مؤتمرات دولية لا تنعكس آثارها على حياة الناس”.

الحكومة أمام تحدي الشفافية

تبدو الحكومة اليوم أمام اختبار حقيقي: إما تقديم توضيحات دقيقة بشأن الوفد، وتكاليف مشاركته، والنتائج المتوقعة من حضوره، أو مواجهة اتساع دائرة الانتقادات التي تتهمها بسوء إدارة الموارد في أكثر اللحظات حساسية. وتبقى المطالبة الأساسية للرأي العام واضحة: ضرورة أن تكون الأولويات منسجمة مع الواقع المحلي، وأن تكون أي مشاركة خارجية جزءًا من استراتيجية فعلية لا مجرد نشاط بروتوكولي.

خلاصة

إن مشاركة وفد رسمي في مؤتمر دولي ليست مشكلة بحد ذاتها، لكن توقيتها، وحجمها، وغموض معلوماتها، جاءت جميعها في لحظة يعيش فيها اليمن على حافة الانهيار الاقتصادي والخدماتي. وإذا لم تُرفَق الرحلة بخطط واضحة ونتائج معلنة، فستظل بالنسبة لكثيرين انعكاسًا لفجوة متزايدة بين ما يحتاجه الناس وما تختاره السلطات أن تفعله.

زر الذهاب إلى الأعلى