تحذير وطني عاجل رقم 9 : القوى الناعمة للحوثي.. حرب أخطر من الرصاص! مركز صنعاء مثالًا.. لعبة التناقضات لتفكيك الصف الوطني

النقابي الجنوبي/تقرير/د. عبدالقادر الخراز
بعد عقد من الحرب، لم يعد التحدي في اليمن محصوراً في رصاص الميليشيا، بل انتقل إلى ساحة “الحرب الناعمة” التي يديرها الحوثي عبر واجهات تبدو “مدنية” و”مستقلة” وتتلقى تمويلات ضخمة، هدفها الوحيد هو تفكيك الشرعية من الداخل وتثبيت السردية الحوثية كـ”أمر واقع” مقبول دولياً. وصار مسرحًا لحربٍ جديدة تُدار خلف الأبواب المغلقة، في مكاتب مكيفة، وبأدوات ناعمة لا تُرى ولا تُسمع.
هذه الحرب هي حرب النفوذ الناعم، التي تقودها جماعة الحوثي عبر واجهات مدنية تبدو “مستقلة” و”حقوقية”، لكنها في الحقيقة تعمل ضمن مشروع واحد: تلميع وجه الميليشيا، وتشويه خصومها، وإضعاف كل القوى الوطنية حتى لا يبقى في المشهد سواها.
منظمات وشركات ومراكز أبحاث صعدت فجأة بعد 2015،تحصل على تمويلات ضخمة من مؤسسات دولية وغربية، تتحدث باسم “السلام”، و”المواطنة”، و”الحقوق”، لكنها في جوهرها تبني جدارًا من الشرعية الزائفة حول الحوثي.
في الكتاب الثاني “حقائق التمويلات الدولية لليمن – تاريخ مأساوي من الأمل إلى الخداع” (2015–2024)»، وضحنا كيف تحوّلت المساعدات الدولية، التي وُعد بها اليمنيون لمساعدتهم لمواجهة آثار الانقلاب والحرب، إلى شبكة نفوذ معقدة تُدار من خلف الستار وتمارس اداورا مشبوهه تخدم مليشيا الحوثي. وأبرزنا أيضا في الكتاب الأول ” العبور الى الظلام مليشيا الحوثي في كواليس المنظمات ولوبيات السلام الزائف” تفاصيل شبكات النفوذ وادوارها الخفية في شرعنة المليشيا.
في تلك الشبكة برزت أسماء منظمات مثل مركز صنعاء للدراسات، ومنظمة مواطنة، وشركة ديب روت DeepRoot، ومنظمة رنين اليمن. كل واحدة منها لعبت دورًا مختلفًا في المعركة، لكن الهدف ظل واحدًا: تثبيت حضور الحوثي في الوعي الدولي كطرف شرعي أو “أمر واقع”، وإغراق خصومه في الطين.
في ظاهرها، هذه الكيانات تنشر تقارير وأبحاثًا وبيانات حقوقية، لكن بين السطور يظهر انحياز واضح — ليس بالضرورة بالمدح، بل بإخفاء الجريمة الكبرى وتضخيم أخطاء الآخرين وتساوي بين الضحية والجلاد، فتبدو “محايدة”، بينما هي عمليًا تحجب الحقيقة وتمنح الحوثي غطاءً دوليًا ناعمًا.
لقد برزت كيانات مثل “مركز صنعاء للدراسات” كنموذج صارخ لهذه الحرب المزدوجة، والتي لا تخدم سوى الأجندة التخريبية للميليشيا. إنها تعمل باستراتيجية تقوم على إثارة الصراع بين مكونات الشرعية والتلاعب بها عبر تقمص دور العدو تارة والحليف المؤقت تارة أخرى، بهدف منع أي اصطفاف وطني حقيقي ضد الحوثي.
استراتيجية التخريب المزدوج لمركز صنعاء:
إن مركز صنعاء للدراسات، وغيره من الأدوات الناعمة، يدير لعبة خبيثة يمكن وصفها بما يلي:
1. استهداف المكون الأقوى وإيقاع المكون الآخر في الشَرَك:
o يقوم المركز بشن حملة استهداف وتشويه ممنهجة ضد مكون وطني معين (على سبيل المثال: المجلس الانتقالي الجنوبي او حتى المؤتمر او القوى التابعه للشرعية)
o في الوقت ذاته، يتوجه لاحد المكونات الذي يراه في عداء مركز صنعاء ذو فعالية دولية ويصل الى مراكز القرار العالمي ويستطيع إيقاف أي توجهات لتصنيفه، ويطلب تسهيلات لممارسة انشطته ودعم مالي ولوجيستي، بل ويُحرضه على إيقاف أي ناشط يكشف حقيقة مركز صنعاء أو صوت يعارضه ويتهمهم بانهم لديهم مشاكل شخصية، مُظهراً نفسه كـ”ضحية” و”شريك” في مقاومة الطرف المستهدَف.
2. الطعن في الظهر والتحول المفاجئ:
o فإنه يعمل في الخفاء وبشكل سري على إعداد تقارير دولية ضده، ويقوم بتشويهه وربما اتهامه بالإرهاب والتطرف لتسهيل الضغط عليه دولياً.
o بمجرد انتهاء دوره أو وصول المركز لأهدافه من خلال هذا التحالف المؤقت، فإنه يقلب الطاولة بشكل مفاجئ.
3. تبديل الحلفاء وفتح جبهة جديده .
o يتوجه هذه المرة إلى مكونات أخرى في الشرعية (كـالمجلس الانتقالي أو حزب المؤتمر الشعبي العام)، ويطلب منها الوقوف معه والدفاع عنه ” ويطلب الدعم ويستخدم نفس السنفونية السابقة مع المكون السابق، وهكذا ينجح في إبقاء كل مكونات الشرعية في حالة صراع داخلي دائم. ويبقى هو أي مركز صنعاء مستمر في تنفيذ اجندته الخطيرة
نداء وتحذير لمكونات الشرعية: الخصم الحقيقي ليس حليفكم
، يا أيها الانتقالي، يا أيها الشرعية
إن هذه الشبكة الناعمة لا تخدم أيًا منكم، بل هي تستغلكم جميعاً، وتستنزف مواردكم ووعيكم، ثم تتخلى عنكم وتطعنكم بالخفاء، واحداً تلو الآخر.
• الخطر اليوم ليس فقط في البندقية الحوثية، بل في التقرير المدسوس، وورقة “السلام” الممولة، والتي تُعيد رسم الوعي الدولي ليُدان الضحية ويُبرَّأ المجرم.
• توقفوا عن تزويد هذه الأدوات الحوثية بغطاء الشرعية أو الحماية اللوجستية.
• الخصم الحقيقي ليس المكون الوطني المقابل، بل هذا “النفوذ الناعم” الذي يبرر وجود ميليشيا الحوثي باسم “الحياد” و”العمل المدني”، ويسعى لتشتيتكم وتفكيككم لتبقوا ضعفاء لا تقوون على مواجهة التحدي الأكبر.
الصمت أمام هذه اللعبة المزدوجة هو مشاركة في الجريمة وتفريط في مصير الوطن. إنها معركة الوعي— أخطر من معركة السلاح، وأطول عمرًا منها.