جرائم موثقة بالأسماء.. لواء المخلافي يبتلع المؤسسة العسكرية في تعز

النقابي الجنوبي/تقرير/خاص
منذ سنوات، تحوّل اللواء 170 دفاع جوي، الذي بات معروفًا في تعز باسم “لواء المخلافي”، إلى أكثر الألوية إثارة للجدل. لواءٌ يفترض أن يكون ذراعًا من أذرع الدولة، لكنه اليوم أشبه بكيان عائلي مغلق تُحكم قبضته من بيت واحد، وتغطيه لافتة رسمية لا علاقة لها بالواقع.
اللافت أن هذه السيطرة العائلية لم تتوقف عند الاستحواذ الإداري، بل تمددت إلى سجل مثقل بالجرائم والانتهاكات، موثقة بالأسماء والتواريخ، تجعل من اللواء أقرب إلى “مافيا عسكرية” تحتمي بغطاء الدولة أكثر من كونه مؤسسة وطنية.
رأس الهرم.. إدارة من خارج الحدود
القائد العام للواء 170، عبدالله حمود القيسي المخلافي، لا يتجاوز دوره حدود الشكل والواجهة، فيما تُدار القوة فعليًا عبر أركان اللواء حمزة حمود سعيد المخلافي. أما خيوط القرار والتوجيه فهي بيد والده حمود سعيد المخلافي، القيادي البارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح، والمقيم في تركيا حيث يدير المشهد العسكري عن بُعد.
وإلى جانبه، يظهر معاذ الياسري المخلافي رئيس العمليات، المرتبط بملفات فساد، بينما تحوم الاتهامات الأشد حول صدام المقلوع المخلافي، ضابط الأمن في اللواء، الذي ارتبط اسمه بعدة جرائم قتل: أحدها في حي الكوثر، وأخرى لجندي عند نقطة المقلوع بجوار مقبرة السعيد. أضيف إلى ذلك البسط على عمارة التاجر عبدالقوي شبع، وقضايا أخلاقية عديدة.
كتائب بوجوه دامية
الكتيبة الأولى
يتولى قيادتها خطاب الياسري المخلافي، المتهم بقتل محمد سعيد ناجي داخل قسم الطوارئ في مستشفى الثورة بتاريخ 12 يناير 2020. لم يكن ذلك سوى رأس جبل الجليد، فقد توالت حوادث البسط على الأراضي، وصولًا إلى الهجوم على شركة الشيباني. ومع أزمة المياه الأخيرة، بسط مع أفراده على بئر يتبع السلطة المحلية، ليبيع المياه للموطنين.
الكتيبة الثانية
اسم عرفات الصوفي المخلافي يتردد كرمز للفوضى. ففي 2016، قتل زميله في الكتيبة بكيل الأثوري واثنين من مرافقيه. بعد أربع سنوات، اقتحم مقر نيابة غرب تعز بسلاحه بحثًا عن قاضٍ ليقتله، ما أدى إلى إضراب عام للقضاة. وفي 2023، بسط على أراضي الدولة قرب الأحوال المدنية بحي الثورة، وهدد القاضي صادق العبيدي بالقتل عبر مكالمة مسجلة.
لم يتوقف الأمر، بل هاجم في نفس العام مقر الأحوال المدنية محاولًا اعتقال مديره إسكندر المخلافي لفرض إتاوات. وبجانب هذه الجرائم، عُرف بتعاطي الخمر والحبوب علنًا، مع قضايا أخلاقية متراكمة.
الكتيبة الثالثة
في قيادة الكتيبة الثالثة، برز اسم عصام مقبل المخلافي، الذي جاء خلفًا لهمام مرعي. جرائمه امتدت إلى الحرم الجامعي حين قتل موفق الشميري مرافق رئيس جامعة تعز، وحاول اغتيال رئيس الجامعة نفسه. لم يكتفِ بذلك، بل اختطف الجريح رأفت الشميري ابن نائب رئيس الجامعة، وأطلق النار على سيارة الدكتورة عزيزة شرف وابنتها.
الكتيبة الرابعة
يقودها محمد سعيد المخلافي، شقيق الشيخ حمود سعيد. في 10 يناير 2024، صدم جنديًا بسيارة عسكرية ثم أطلق عليه النار أمام مستشفى الصفوة. ويُتهم أيضًا بفرض إتاوات على أي عملية بيع أو شراء عقارات في نطاق الكتيبة، إضافة إلى البسط على الأراضي.
مطلوبون يحتمون باللواء
القائمة السوداء لا تتوقف عند القادة. هناك شبكة واسعة من الضباط والأفراد المطلوبين، جميعهم يجدون في اللواء مظلة حماية:
همام مرعي المخلافي، قائد الكتيبة الثالثة سابقًا.
صلاح مرعي المخلافي.
حكيم الصوفي المخلافي، شقيق قائد الكتيبة الثانية.
عدنان مقبل المخلافي، شقيق قائد الكتيبة الثالثة.
محمد منير المخلافي، فار من وجه العدالة.
مأمون القيسي المخلافي، مدير قسم عصيفرة، متهم بالتقطعات وقضايا أخلاقية.
مصطفى القيسي المخلافي، متورط في البسط على عقارات مستثمرين.
وآخرون، بينهم: عاهد رزاز المخلافي، عبدالله الملقب “هدام”، هيثم الأزرق، غزوان مرعي، عمر العوني، محمد سرحان، أسامة القردعي.
أسماء تتوالى لتؤكد أن اللواء لم يعد مؤسسة عسكرية، بل غطاءً لعشرات المطلوبين.
جيش بعقلية القبيلة
تتبدى من هذه الوقائع صورة أكثر خطورة: لواء بكامله تحوّل إلى أداة بيد قبيلة واحدة. السؤال الذي يفرض نفسه هنا: كيف يمكن لأسرة أن تُنشئ لواءً كاملًا تحت يافطة الدولة؟ وأي معنى يتبقى لمفهوم الجيش الوطني حين يصبح التشكيل العسكري ملكية خاصة تتحرك بأوامر عائلية؟
هذا الواقع جعل اللواء 170 عنوانًا بارزًا على انهيار المؤسسة العسكرية في تعز، بعد أن تحولت مهمته من حماية الدولة إلى حماية نفوذ عائلة، تستمد قوتها من السلاح والمواقع.
مصير مفتوح على الفوضى
الجرائم التي ارتكبها قادة اللواء وعناصره ليست مجرد حوادث متفرقة، بل سلسلة متصلة تؤكد أن الوضع خرج تمامًا عن سيطرة الدولة. ومع كل ملف دموي، يزداد الإصرار الشعبي على أن الإبقاء على هذا التشكيل بصورته الحالية ليس إلا وصفة جاهزة لاستمرار الفوضى، بل وتعميقها.
الحلول المطروحة من أبناء تعز الغاضبين تتلخص في:
إقالة جميع قياداته الحالية، من رأس اللواء حتى قادة الكتائب، تفريق أفراده ودمجهم مع تشكيلات أخرى تابعة لوزارة الدفاع، فتح ملفات قضائية ضد المتورطين في القتل والبسط والابتزاز.
خطوات لا تبدو سهلة، لكنها الخيار الوحيد لقطع الطريق على مزيد من الانهيار.
لواء أم عصابة؟
يبقى السؤال معلقًا: هل ما نشهده في تعز هو لواء دفاع جوي أم عصابة مسلحة تتخفى في ثوب المؤسسة؟
الدماء التي أُريقت، والأراضي التي نُهبت، والمرافق التي تحولت إلى ساحات ابتزاز، كلها شواهد على انهيار خطير. وبينما يحتمي القادة بأسماء المخلافي، يدفع أبناء تعز ثمن الفوضى والدمار، فيما يظل “اللواء 170” عنوانًا صارخًا لابتلاع الدولة من الداخل.