مادورو يلوّح بـ”الكفاح المسلح” في وجه واشنطن وسط تصاعد التوترات

النقابي الجنوبي/وكالات
مادورو يلوّح بالانتقال إلى “مرحلة الكفاح المسلح” إذا هاجمت واشنطن بلاده.
الولايات المتحدة تنشر طائرات “إف-35” في بورتوريكو بذريعة مكافحة المخدرات.
حادثة اقتراب طائرتين فنزويليتين من سفينة أمريكية تزيد التوتر في الكاريبي.
واشنطن تتهم كراكاس بدعم عصابات مخدرات مصنفة إرهابية.
الأزمة تعيد أجواء الحرب الباردة وتفتح باب التساؤلات حول مستقبل الاستقرار في المنطقة.
دخلت العلاقات الفنزويلية–الأمريكية مرحلة جديدة من التصعيد بعد تصريحات الرئيس نيكولاس مادورو، الذي حذر من أن بلاده قد تنتقل من “مرحلة سياسية” إلى “مرحلة كفاح مسلح” إذا تعرضت لأي هجوم أمريكي. وجاءت هذه التصريحات في وقت تشهد فيه المنطقة الكاريبية تحركات عسكرية أمريكية، الأمر الذي ينذر بفتح جبهة توتر إقليمي تتجاوز حدود فنزويلا.
تصريحات مادورو، التي بثتها شبكة “في تي في” الحكومية، لم تكن مجرد موقف عابر، بل تحمل رسائل داخلية وخارجية متشابكة. داخليًا، يسعى الرئيس الفنزويلي إلى تعزيز صورته كزعيم قادر على حماية السيادة الوطنية في مواجهة “الإمبريالية الأمريكية”، وهو خطاب يتردد كثيرًا في خطاباته منذ وصوله إلى السلطة خلفًا لهوغو تشافيز. أما خارجيًا، فهي رسالة تحدٍّ واضحة للولايات المتحدة، مفادها أن أي تحرك عسكري لن يمر دون رد.
التوتر تصاعد بعد أن كشفت تقارير إعلامية أمريكية عن نشر واشنطن عشر طائرات مقاتلة من طراز “إف-35” في بورتوريكو، بذريعة مكافحة عصابات المخدرات. هذه الخطوة تزامنت مع إعلان البنتاغون أن طائرتين فنزويليتين اقتربتا من سفينة أمريكية في المياه الدولية، في حادثة وُصفت بأنها “استفزازية”. الرد الأمريكي لم يتأخر، إذ حذرت وزارة الدفاع من أي تحركات فنزويلية تهدف إلى عرقلة العمليات العسكرية الأمريكية في البحر الكاريبي.
تاريخيًا، ليست هذه المواجهة الأولى بين البلدين. فمنذ فرض العقوبات الاقتصادية على كراكاس قبل سنوات، تحولت فنزويلا إلى ساحة مواجهة غير مباشرة، تتقاطع فيها ملفات الطاقة، الهجرة، واتهامات واشنطن لحكومة مادورو بدعم شبكات تهريب المخدرات. وأشارت أرقام الأمم المتحدة في تقرير سابق إلى أن الفوضى الاقتصادية والسياسية في فنزويلا دفعت أكثر من 7 ملايين فنزويلي إلى الهجرة منذ عام 2015، ما يعكس حجم الأزمة الداخلية التي يحاول مادورو صرف الأنظار عنها بخطاباته التصعيدية.
وفي السياق ذاته، جاء تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مؤكدًا أن الهجوم الأخير على سفينة مشتبه بها في الكاريبي استهدف عصابة “ترين دي أراجوا”، التي صنفتها واشنطن منظمة إرهابية أجنبية. هذا الربط بين فنزويلا والجريمة المنظمة يضيف بعدًا أمنيًا إلى الأزمة، ويُسهل على واشنطن تبرير وجودها العسكري المتزايد في المنطقة.
بين خطاب مادورو المفعم بالتحدي والتحركات الأمريكية العسكرية، تبدو المنطقة مقبلة على فصل جديد من المواجهة، قد يتراوح بين التصعيد الكلامي والحروب بالوكالة، أو حتى الاحتكاك المباشر. وإذا كان مادورو يسعى إلى توحيد الداخل الفنزويلي عبر رفع شعار “الكفاح المسلح”، فإن السؤال يبقى: هل تملك فنزويلا، المنهكة اقتصاديًا، القدرة الفعلية على مواجهة عسكرية طويلة مع واشنطن؟ أم أن التصعيد مجرد ورقة ضغط ضمن لعبة تفاوضية أوسع؟