محور تعز: كيان عسكري بلا شرعية رسمية وبولاءات خارجية

النقابي الجنوبي/ خاص
منذ سنوات الحرب، ظل اسم “محور تعز” حاضرًا في المشهد العسكري، لكن هذا الكيان لم يجد له مكانًا في سجلات وزارة الدفاع. فتعز من الناحية الرسمية تتبع المنطقة العسكرية الرابعة ومقرها في العند بلحج، وهو ما يجعل وجود “محور تعز” خارج أي إطار قانوني أو تنظيمي.
الصحفي عادل المدوري يختصر هذا الواقع بقوله إنّ “محور تعز اليوم خارج الإطار الرسمي للتقسيمات العسكرية للدولة؛ لا يوجد شيء اسمه محور تعز في وزارة الدفاع حيث أن تعز تخضع للمنطقة الرابعة ومقرها العند بلحج”.
هذا الفراغ فتح الباب أمام بروز تشكيلات متفرقة تعمل تحت يافطة المحور، لكنها في الحقيقة كيانات ميليشياوية منفصلة، تعتمد في تمويلها وتسليحها على قوى إقليمية متعددة.
بحسب المدوري، “تشكيلات كثيرة بتعز تعمل بوصفها ميليشيات ممولة من دوائر إقليمية (عُمان، قطر، تركيا) وتتحرك بأجندات لا تتوافق مع مصالح التحالف العربي. هذه الحقيقة تفسر حالة التشتت التي تعيشها الجبهة هناك، حيث تتحول الولاءات إلى أوراق ضغط بيد أطراف خارجية، بدلًا من أن تصب في خدمة المعركة ضد الحوثيين.
التقارير المتداولة خلال السنوات الماضية تعزز هذه الشهادة، إذ كشفت عن قنوات دعم قادمة من مسقط والدوحة وأنقرة. فبينما احتضنت عُمان قيادات مرتبطة بجماعة الإخوان، وفرت قطر غطاءً ماليًا وإعلاميًا لتوسيع نفوذ الإصلاح، فيما فتحت تركيا خطوطًا للتدريب والتسليح عبر وسطاء غير رسميين.
هذه التدخلات جعلت من تعز ساحة صراع بالوكالة، يتحكم بها الخارج أكثر مما تديرها الشرعية، وهو ما انعكس مباشرة على المواجهة مع الحوثيين. فعوضًا عن توحيد الجهود لتحرير المدينة، غرقت الألوية والفصائل في نزاعات جانبية، وأصبحت الموارد هدفًا للتنافس بدلاً من أن تُسخّر في المعركة الكبرى.
المدوري يحذر من هذه المعادلة بالقول إنّ “هذا الواقع يضع قيداً خطيراً أمام أي عملية تحرير من شأنها أن تكون فعّالة ومستدامة: لا ينتصر الشمال على الحوثي إن كانت كل قياداته العسكرية الداخلية منقسمة ومرتبطة بمصالح خارجية متضاربة”.
في هذا السياق، تتحول قضية محور تعز إلى صورة مكثفة لأزمة الشرعية اليمنية. فالمواطن يواجه ازدواجية قاتلة: جيش رسمي على الورق، وتشكيلات مسلحة على الأرض تتحرك وفق أجندات إقليمية. هذه الازدواجية ضربت ثقة الناس في مؤسسات الدولة وأضعفت قدرة التحالف على ضبط الجبهة الشمالية.
وبين حصار الحوثي الخارجي وانقسام الداخل، تعيش تعز مأزقًا مزدوجًا يدفع ثمنه السكان يوميًا. فلا تحرير يلوح في الأفق ما دام القرار العسكري مرتهنًا للتدخلات، ولا أفق للسلام في ظل تعدد المرجعيات والولاءات.
الخلاصة التي تفرض نفسها أن تحرير تعز مرهون بكسر هذه الحلقة؛ فلا مجال لحسم عسكري حقيقي دون بناء مؤسسة موحدة، بعيدة عن التمويل الخارجي والانقسامات الحزبية. وحتى يحدث ذلك، ستبقى المدينة عالقة بين نار الحوثي من الخارج، وسندان الولاءات المتشعبة في الداخل.