القاصة الجنوبية سحر عبداللاه تكتب قصة قصيرة بعنوان (نحن يدان)

سحر عبداللاه صالح
استيقظ زوجها عبدالله الساعة السابعة صباحًا فأيقظها مباشرة بطريقة مفزعة: “أفيقي يا رامية، لقد تأخرتِ عن موعد العمل!” لكنّها فتحت عينيها ببطء قائلة:
– ألم أخبرك؟
– ماذا؟
– لقد استقلت من عملي.
– ولماذا فعلتِ ذلك؟!
– حتى أتفرغ لمهام المنزل.
– هل جننتِ؟ ألم نتفق أن نعمل سويًا قبل الزواج ونتشارك المصروفات حتى نخفف أعباء التكاليف التي تقع على عاتقنا؟
لكنّها ابتسمت ابتسامة ساخرة وغطت رأسها بلحاف الفراش وعادت إلى النوم، فتجهز هو حينها حتى لا يتأخر عن موعد العمل وتوعدها بأنه سيكمل نقاشهما حينما يعود.
كانت قد قررت أن تضع حدًا لنهاية هذه المسؤوليات التي ضَعفت كاهلها، فلم تتحمل عند عودتها بالأمس من يوم شاق، وكان زوجها قد عاد إلى المنزل قبلها بساعتين من دوامه، فوجدت كل شيء بحالة فوضى.
ملابسه مرمية على الأرض، ولم يحضر ابنهم من المدرسة كما كان يعدها في كل مرة، بل وأصبح يتكل عليها بفعل ذلك دون أدنى رحمة، وليس هذا فحسب، لأن المطبخ كان بانتظارها لتعد طعام الغذاء وتعمل على لملمة أغراضه المبعثرة وغسلها، وكأنه طفل لم يبلغ سن الرشد بعد.
شعرت بأنها تبذل مجهودًا مضاعفًا، وخاصة بعد أن أصبحت حاملًا بطفل آخر، وكانا قد اتفقا بأنهما سيتشاركان سويًا بمهام المنزل والاعتناء بأولادهما، بما أنهما سيتقاسمان مرتباتهما لسد الحاجيات ودفع إيجار المنزل.
وما إن عاد إلى المنزل حتى تفاجأ بوجود المنزل مرتبًا ورائحة الطعام تفوح إلى الخارج، ولكن الأمر لم يطمئنه، وقبل أن يتوجه إلى المطبخ، سمع ضجيج الأواني دلالة على وجودها هناك. تنبه لوجود رسالة على الطاولة، وما إن قرأها حتى انتفخت أوداجه واتجه صوبها غاضبًا، إلا أنه سمع صوت طرق الباب فذهب ليفتح الباب.
عندئذٍ وجد مالك المنزل وهو يطلب منه دفع الإيجار، فطلب منه أن يمهله إلى الغد وغادر بصعوبة بعد أن توسل إليه بالصبر عليهم.
وضع تلك الورقة على الطاولة وأخرج قلمًا من جيبه وخط عليها شيئًا ما، ثم اتجه إلى زوجته فقدمها لها قائلًا:
– أنا موافق على كل شروطك المكتوبة هنا وقد وقعت عليها.
كانت رامية قد كذبت بشأن استقالتها من العمل بالاتفاق مع صديقتها المحامية، وكانت قد طلبت منها ورقة رسمية كعقد ووضع بعض الشروط حتى يستمرا في زواجهما وتعود إلى العمل مجددًا، وهو أن يخفف عنها أعباء المنزل التي تعد من واجباتها الأساسية، مثلما هي تخفف عنه أعباء تكاليف الإنفاق التي تعد من واجباته الأساسية.