الجزء الأول: وهم الفيديو وضوضاء العالم الرقمي

 

كتب/ بسمة نصر

 

في الأيام الأخيرة، اجتاح مواقع التواصل مقطع فيديو مثير، يظهر (“حوت أوركا” يهاجم مدربته ويقتلها أمام الجمهور). بدا المشهد صادما وواقعيا، لكن سرعان ما تبين أنه مجرد إنتاج بتقنية الذكاء الاصطناعي. لا وجود لمدربة تدعى “جيسيكا رادكليف”، ولا وجود للحديقة البحرية المزعومة. القصة مختلقة بالكامل، صنعت خصيصا لتثير الجدل وتجمع ملايين المشاهدات.

 

المفارقة أن هذا النوع من المحتوى المزيف يجد طريقه بسرعة إلى “الترند”، لأنه يقدم للمشاهدين ما تبحث عنه الخوارزميات: صدمة، إثارة، جدل. أما القضايا الحقيقية، التي تحمل في طياتها معاناة إنسانية ودماء تراق يوميا، فلا تحظى غالبا بنفس الاهتمام. وهنا تكمن خطورة الأمر:

التكنولوجيا باتت قادرة على صناعة الوهم بجودة تقارب الحقيقة، بينما الإعلام والجمهور معا ينجرفون خلف هذا الوهم على حساب الواقع الأكثر إيلاما.

 

هذا المثال ليس مجرد حادثة عابرة في عالم التواصل الاجتماعي، بل (جرس إنذار). إنه يفضح كيف أصبحنا أسرع إلى تصديق الأكاذيب الرقمية من مواجهة الحقائق الإنسانية التي تحتاج إلى ضمير حي قبل أي خوارزمية.