اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

الطاعون.. حين يحاصر المرض مدينة ويحاصر الخوف القلوب

 

كتب/ بسمة نصر

 

في صمت مدينة متوسطية علـّۓ الساحل الجزائري، تبدأ الحكاية بفئران نافقة تتناثر في الشوارع. لا أحد يدرك في البداية أن هذه العلامات الصغيرة ما هي إلا نذير لكارثة أكبر. شيئا فشيئا، يمتد الموت إلى البشر، وتغلق مدينة و”هران” أبوابها على نفسها، لتصبح مسرحا لحصار غير مرئي، حيث الوباء سيد الموقف، والخوف ضيف مقيم في كل بيت.

 

هكذا يفتتح (ألبير كامو) روايته “الطاعون”، التي تتجاوز الحكاية الطبية إلى قراءة عميقة للنفس البشرية. عبر شخصية الطبيب (ريو) ومجموعة من الشخصيات الأخرى، نرى كيف ينقسم الناس أمام الأزمة: هناك من يهرب، ومن يستسلم، ومن يختار المقاومة والعمل بصمت.

– الطاعون في الرواية ليس مجرد مرض، بل استعارة لشرور تتكرر في التاريخ: الاحتلال، الاستبداد، الكراهية، واللامبالاة. وكما يتسلل الوباء في صمت، كذلك تفعل هذه الشرور حين يغفل عنها البشر.

 

عن الكاتب

ألبير كامو (1913 – 1960)، كاتب وفيلسوف فرنسي المولد جزائري النشأة، وأحد أبرز الأصوات الأدبية والفكرية في القرن العشرين. نشأ في بيئة فقيرة بمدينة الجزائر، لكنه سرعان ما شق طريقه في الصحافة والأدب، مدافعا عن قيم الحرية والعدالة. حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1957 تقديرا لأعماله التي تناولت عبثية الحياة وسعي الإنسان لخلق معنى وسط الفوضى، ومن أشهر رواياته الغريب والسقوط والطاعون.

 

في النهاية، يذكرنا الطاعون بأن المعركة الحقيقية ليست ضد المرض وحده، بل ضد الاستسلام والخوف وفقدان التضامن. (كامو) يضع القارئ أمام حقيقة أن الشر، مثل الوباء، لا يختفي تماما، بل يظل ساكنا في الزوايا، ينتظر غفلة البشر ليعود. وبينما ينحسر الخطر وتعود الضحكات إلى الشوارع، يبقى السؤال حاضرا: هل تعلمنا شيئا مـــِْن التجربة؟ أم أننا سنفتح الأبواب من جديد لكل طاعون قادم؟.

زر الذهاب إلى الأعلى