اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

بن دغر وتكتله.. أحلام العودة ستنكسر أمام واقع الجنوب الجديد

بن دغر وتكتله.. أحلام العودة ستنكسر أمام واقع الجنوب الجديد

النقابي الجنوبي/تقرير/هشام صويلح

في لحظة سياسية مشحونة بالتطورات الميدانية والمفاوضات الإقليمية، خرج المحلل السياسي عادل العبيدي بمقال لافت، سلط فيه الضوء على ما سماه “وهم العودة” الذي يراود المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، برئاسة أحمد عبيد بن دغر، واصفًا إياه بـ”تكتل المشردين الفارين”، ممن يعيشون خارج البلاد ويحلمون بالسيطرة مجددًا على اليمن والجنوب، على حساب تضحيات الجنوبيين الذين حرروا أرضهم بدمائهم.

يرى العبيدي أن الاجتماع الأخير لهذا التكتل في 27 أبريل 2025 لم يكن سوى إعادة تدوير لمفاهيم تجاوزها الواقع الجنوبي، من قبيل “المرجعيات الثلاث” و”اليمن الاتحادي” و”الشرعية الدستورية”. ويصف هذه المصطلحات بأنها محاولات استفزازية موجهة لشعب الجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي، مؤكدًا أن أصحابها يدركون عجزهم عن تحقيق أي من تلك الأوهام على الأرض.

من وجهة نظر العبيدي، فإن تكتل بن دغر يحاول استعادة مشهد سياسي اندثر بفعل الحقائق العسكرية والسياسية التي فرضها الجنوبيون، وعلى رأسهم القوات المسلحة الجنوبية والمقاومة، الذين صنعوا نصرًا ميدانيًا لم يعُد معه للمفردات القديمة أي معنى أو فعالية. ويعتبر أن هذا الخطاب ليس سوى خطاب هروب من الواقع الجديد الذي يفرضه الجنوب بقوته ومؤسساته ومطالب شعبه.

وبعيدًا عن النوايا الدعائية للتكتل، يضع العبيدي معادلة دقيقة لمستقبل أي مواجهة محتملة مع الميليشيات الحوثية في شمال اليمن، في حال تم التوافق الدولي والإقليمي على معركة برية شاملة. فهو يؤكد بشكل قاطع أن القوات المسلحة الجنوبية هي القوة الوحيدة المؤهلة للعب دور محوري في مثل هذه المعركة، نظرًا لما تملكه من كفاءة ميدانية، وتنظيم عسكري، وخبرة سابقة في دحر الميليشيات الحوثية والإخوانية من الجنوب.

لكن هذه المشاركة – كما يوضح العبيدي – لن تكون مجانية أو تحت مظلة “شرعية تجاوزها الزمن”، بل مشروطة بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي وصحراء حضرموت، والاعتراف الصريح بحق شعب الجنوب في استعادة دولته المستقلة عقب الانتهاء من تحرير اليمن. إنه شرط سياسي وعسكري في آن، يعكس تطور رؤية الجنوب من موقع الشريك إلى موقع الطرف صاحب القرار السيادي.

ويُحذر العبيدي من محاولات إقصاء الجنوب أو تجاوزه في أي ترتيبات قادمة، مستشهدًا بواقع الداخل اليمني نفسه، الذي بدأ يشهد بروز قوى جديدة قد تكون سندًا للقوات الجنوبية في أي معركة قادمة. وبذلك، فإن أي حديث عن استعادة بن دغر وتكتله لدور مركزي بات أمرًا أقرب إلى الخيال، خاصة في ظل تغيُّر توازنات الداخل وانكشاف تراجع الشرعية التقليدية.

في خلاصة رأيه، يقطع العبيدي الشك باليقين: لا عودة لما قبل الحرب، ولا مكان لتلك المصطلحات البالية التي وُلدت في كواليس الفشل وانهارت تحت أقدام المقاتلين الجنوبيين. ويُوجّه رسالته للمجتمع الإقليمي والدولي، بأن الرهان على الجنوب لم يعد خيارًا بل ضرورة، وأن محاولة بعث مشاريع الماضي تحت أي غطاء ستُواجه برفض شعبي وسياسي قاطع، وربما بتصعيد ميداني إن لزم الأمر.

بهذه الرؤية الحاسمة، لا يكتفي العبيدي بإبداء رأي، بل يرسم ملامح معركة سياسية قادمة، يتضح فيها أن الجنوب ليس مجرد ميدان دعم، بل شريك متكافئ يفرض شروطه من موقع المنتصر والمستقل. وبينما يواصل بن دغر وتكتله التعلق بمصطلحات الأمس، يمضي الجنوب بثقة نحو معادلة جديدة، قاعدتها: لا وحدة بالقوة، ولا شرعية بلا شراكة، ولا مستقبل بلا اعتراف بالجنوب دولة وهوية.

زر الذهاب إلى الأعلى