بξسسة : قراءة في إرث الوحدة اليمنية

بξسسة :
قراءة في إرث الوحدة اليمنية
علي محمد سيقلي
في لحظة سياسية متشابكة، خرج علينا السيد أحمد علي عبدالله صالح بتصريح بديع يصلح أن يكون مادة أولية لرسائل فارغة المعنى في اللغة السياسية الرمزية، حيث قال:
“وحدة اليمن كانت أعظم إنجازات والدي، وسنصونها مهما كانت التحديات.”
ولأننا لا نتعامل مع النصوص بسطحية، كان لزامًا علينا أن نضع كلمة “كانت” تحت المجهر، فهي ليست مجرد فعل ماضٍ ناقص، بل هي إقرار لغوي بديع أن الوحدة تحوّلت من منجز سياسي قائم إلى ذكرى عابرة في دفتر الأب التاريخي.
ووفقا لمناهج تحليل الخطاب السياسي، يعتبر استخدام الماضي البسيط في توصيف منجز حاضر اعترافا ضمنيا بانقطاع الاستمرارية.
وبصيغة أكثر سخرية “إن الفعل “كانت” هنا يعبّر عن وحدة معلّبة في ثلاجة الموتى، قابلة للعرض في قاعات الذاكرة، لا في خرائط الجغرافيا السياسية.
وفي حالة جدلية “حق الأب” ومبدأ الشراكة وفي محاولة متقدمة لدمج علم النفس، بعلم الوراثة السياسية، يعلن السيد أحمد علي:
“هذا حق أبي وأنا سأدافع عنه مهما كانت التحديات.” وهي جدلية “حق أبوه” بكل ما فيها من مسروقات، وفاته أن يفرق بين “إرثه من عقار العائلة” وبين حق الشراكة مع الإنتقالي، بكل ما فيها من التزامات أخلاقية.
وكأننا أمام قضية ميراث وليست دولة، وأمام صك شرعي لا يحتاج إلى عقد شراكة ولا إلى اعتراف دولي.
وبكل وقار ساخر يمكننا القول:
لقد دخلنا رسميا عصر السياسة العائلية المعولمة، حيث تتحوّل الجغرافيا إلى ملكية خاصة قابلة للتوريث.
أما عن العبارة الثانية “سندافع عنها مهما كانت التحديات” تستحق أن تدرس في مادة إدارة الصراع السياسي، إذ تحمل رسالة مزدوجة:
إلى المجلس الانتقالي: “إرث أبي ليس على طاولة التفاوض.”
إلى الخارج: “لا تستهينوا بوريث الوحدة.”
والأجمل أن هذه الرسالة خرجت في توقيت يوصف بـ”التوقيت الحرج”، حيث يتقاطع مشروع استعادة الدولة مع طموحات الشراكة، فيصبح التحدي نفسه أطروحة مشروع قادم بحد ذاته.
هنا نصل إلى الفقرة التي تصلح خاتمة لأي حلم للفتى الطائر “حمادة”
فهل سنرى ردة فعل مقابلة من جهابذة الإنتقالي تعيد صياغة مبدأ الشراكة؟
أم سيبقى التحدي خطابا نظريا يملأ فراغ التصريحات الطائشة، بينما الواقع يمضي في طريقه نحو رسم خرائط جديدة بلا استئذان الورثة الشرعيين للوحدة؟
خلاصة الكلام.. الوحدة يا سيد حمادة، كانت، والاعتراف سيد الأدلة اللغوية.
ويبقى التحدي قائم يا إبن الإفعى، لكنه محل دراسة على الأرض، لا من خارجها.
وبين “كانت” و”سندافع عنها”، يبقى المشهد اليمني مادة دسمة لكل من أراد أن يجمع بين السخرية والرصانة السياسية، وليكتب بحبر ساخر عن وحدة كانت، وراحت في حال سبيلها.
الله يهديك كما هدى أبوك للحوثي.