مجموعة «هائل سعيد» بين مد المنافع واغتيال المواطن

د/عادل محسن القيسي
وعقب سنواتٍ عجاف أنهكت المواطن وأهلكت الوطن، تأتي التحركات الأخيرة التي تهدف لإعادة التوازن الاقتصادي، وتعافي العملة، وكبح جنون الأسعار، لتزرع في النفوس بصيص أمل بأن التغيير ممكن، وأن عجلة الإصلاح بدأت بالدوران ولو ببطء.
وفي خضم هذا المشهد المتسارع، يخرج للعلن بيان مجموعة “هائل سعيد” بعد سنواتٍ من الصمت المربح، ليعبر عن موقف بدا لكثيرين كأنه محاولة لفرملة مسار الاستقرار المرتقب، بدلًا من المساهمة فيه.. فهل هو دفاع عن مصالحٍ تهتز، أم قراءة مختلفة للمشهد؟
ماذا تريد أن توصل له مجموعة هائل من خلال بيانها المبطن، صمت دهرآ ونطق شهرآ؟!
مجموعة هائل سعيد أنعم ، التي تمددت في السوق اليمني حتى أصبحت دولة داخل السوق ، ظلّت طيلة سنوات الحرب والتقلبات الاقتصادية تُراكم الأرباح بصمت ، تتماهى مع كل ارتفاع ، وتتغافل عن كل انهيار ، وتمارس التجارة وكأنها فوق الأوطان وفوق الناس ..
سعر الصرف تدرج من 57 للسعودي حتى وصل 780ريال خلال العشر سنوات
خلال هذه الفترة لم نرى أو نسمع صوت أو كلمة ،و لم نقرأ لها بيانًا واحدًا يعبّر عن قلقها على المواطن ، لم نرى لها اي معارضة اوبيان يحتج على أداء البنك المركزي ، لم نرها تطالب برؤية اقتصادية أو حلول ، كل شيء كان يمضي كما تريد ، والمواطن وحده من كان يدفع الفاتورة باهضة الثمن
عشر سنوات ، والمجموعة كانت ومازالت تمارس عربدة دور الشريك المخلص مع السلطة ، تتقاسم السوق ، وتحتكر القوت ، وتعيش علاقة انسجام مدهشة مع الجهات الرسمية ، وفي كل مرة يصعد الصرف ، كانت ترفع الأسعار بكل سلاسة ، دون أن تنظر إلى من يسقطون تحت خط الجوع ..لماذا لأن المجموعة اشترت كل من في السلطة وتدفع لهم المليارات الشهرية كلآ حسب حجمه وطوله وعرضه مقابل السكوت،خاصة وانها كانت تعلم بأنه لاحوله لهم ولا قوه،وانها هي السلطة المتحكمه بمفاصل الاقتصاد والتلاعب به كيفما تريد
واليوم فقط ، عندما بدأ المواطن يلتقط أنفاسه ، وعندما بدأت الدولة تُعيد التوازن النقدي ، وحين بدأ البعض يصدّق أن العدالة قد تعود تدريجيًا إلى السوق
فوجئنا بالمجموعة تصدر بيانًا يبدو وكأنه تهديد لسلطة،ولغة هروب .
بيان يتذرع بالمخاوف .. لا على قوت الشعب ، بل على نقص الأرباح ..في الذي لن نرى منهم طيلة سنوات تلك الأرباح والاستغلال والتلاعب بالاسعار بين لليله وضحاها مستغلين فرص تلك الاوضاع،لن نرى بيان مماثل،بل صمت مطبق؟!
يتكلمون عن خسائرهم اليوم ولن يتحدثون عن ارباحهم بمليارات الدولارات طيلة السنوات الماضية وعلى حساب قوت الشعب ،على الرغم انه لا خسائر لطالما وهم يتعاملون بالعملة الصعبة وحسب سعر الصرف يتطلع أو ينزل،،يتحدثون
وكأن انخفاض أرباحهم من عشرة مليار إلى تسعة ونصف ، أعظم من فقدان موظف لدخله ، أو أسرة لمصدر رزقها ..
لماذا لم يصدر هذا القلق حين ظل الشعب يعاني ويعاني حتى وصل الى ان البعض يأكلون من القمامه ؟
لماذا لم تُرفع الأصوات عندما كان العسكري يشتري الرغيف بالدَّين ..؟
ولماذا في هذا التوقيت الذي يطالب فيه الكل تحسين الاوضاع واستقرار العمله،تجرأوا واصدروا هكذا بيان ؟
هذا ليس مجرد بيان
بل اعتراف واضح بأن مجموعة هائل سعيد تعمل بالجنوب فقط لربح واستغلال الاوضاع لتدمير الجنوب وعدم استقراره عكس ماتعمله في الشمال ،فهل تقدر ترفع صوتها ؟! كلا بل تدعم المجهود الحربي،،وهذا بحد ذاته سقوط أخلاقي مدوٍ لمن يعتقد أن السوق بيئة خاصة به يتصرف بها كيف مايشاء ووقت مايشاء لطالما وهو يمتلك المال ،متناسيآ أن هذه الامول من قوت الشعب ، وأن الشعب والوطن جبل الاستناد أو التوسد عليه وقت الربح ، والتخلي عنه بل وضربه وتدميره وقت محاولة التعافي والخروج من ألأزمات ،والاصرار على استمرارها .