اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

“صنعاء التي سُلِّمت… والمآسي ماتزال تُكرّر”

 

كتب/ د – عبدالرزاق عبدالله أحمد البكري.. باحث سياسي وأكاديمي

 

في خضم هذا الطوفان الإعلامي المتلاطم على منصات التواصل الاجتماعي، تتكرر الاتهامات وتنكشف الخبايا والفضائح بين رفاق الأمس، شركاء الغنيمة، المتحالفين على إسقاط الدولة: حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب التجمع اليمني للإصلاح. كل طرف يرشق الآخر بتهمة تسليم صنعاء للحوثي، ويتنصل من جريمة المساهمة في إسقاط الجمهورية وتمكين السلالة.

لكن الحقيقة المرة، التي لا يمكن لأي منكم تزييفها أو طمسها، أن كِلا الحزبين كانا أداة طيّعة في مشروع الخراب، ولكلٍّ منهما نصيبه من الدم والانهيار والفشل.
لقد كانت المؤامرة أكبر من أن تُخفى، وكانت خيوط الخيانة تُنسج في وضح النهار، وأمام أعين الشعب، تحت شعارات فارغة وشعارات دينية ووطنية زائفة.

فمن الذي سلّح الحوثي في الحروب ال ست؟
ومن الذي فتح له مخازن الدولة؟
ومن الذي شق طريقه إلى صنعاء بلا قتال، بل بالتسهيلات والمجاملة السياسية؟
ومن الذي تحالف معه في لحظة ابتزاز سياسي، معتقداً أنه سيوظف الوحش لصالحه فإذا به يُفترس أولاً؟

وإن كان لا بد من عبرة، فالعبرة بالخواتيم، لا بالبدايات.
من وقف ضد المشروع الفارسي فعلاً؟
من لا يزال يخدم أجندته في الخفاء؟.
وإذا كان غير ذلك فاين البنا التحتية طوال 33 عام ماذا فعلتم ماذا بنيتم، الشعبين في الشمال والجنوب الذين كنتم حكامة في الامس وما زلتم بدون خدمات ويرزح في ويلات الفقر، بل الامر من المر انكم ساهمتم في هدم مصانع وبناً تحتية في الجنوب بعد الحرب الظالمة واحتلال الجنوب في عام 1994م.
فمن الذي يدفع اليوم ثمن خيانته لتحالف 1994م ضد الجنوب وشعبه؟

ألم تكن تلك الحرب الظالمة ضد الجنوب هي الجذر الأول لكل ما نعيشه اليوم من فوضى ودمار؟
ألم يُقصَ الجنوبيون، وتُنهب دولتهم، وتُفكك مؤسساتهم، ويُشرّد رجالهم، ويُسحق ويمزق ويسرح جيشهم الذي كانت تهابه الجيوش؟
فشاءت الأقدار، أن يُشرَّد من شرّد، وأن يُهان من أهان، وأن يُمزَّق جيش من مزّق الجيش الجنوبي، والجزاء من جنس العمل وربنا الكريم يمهل ولا يهمل.

واليوم، ونحن على شفا كارثة كبرى، نرفع خطابنا إلى كل ذي لبّ، إلى العقلاء والفطنا وأصحاب الدهاء السياسي من أبناء الشمال أولاً، وإلى السياسيين الإقليميين والدوليين، صانعي القرار الإنساني والدولي:

كفانا اقتتالاً، كفانا صراعات عبثية، كفانا سفكاً للدم،
هرمنا من ويلات الحرب، ونزف الوطن، وتيتُّم الأجيال، وتشرد الأسر، وتبخّر الأحلام.
جنوباً وشمالاً، لم يعد للرصاصة أي جدوى، ولم تعد البندقية تزرع إلا الموت والجوع والخذلان.

إن الحل، ليس في الغلبة العسكرية، ولا في تكرار دورات العنف،
بل في العودة إلى جادة الحق والعدل والصواب،
وفق مواثيق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن الدولي، ومبادئ القانون الدولي، التي تضمن حق الشعوب في تقرير مصيرها واستعادة دولها.

ليعد الجنوب إلى وضعه ودولته، وكذلك الشمال.
وليبنِ الشمال دولته بما يرتضيه لشعبه، والجنوب كذلك.
ولتكن بيننا دولتان متجاورتان، لا متصارعتان،
يتبادل فيهما الشعبان السلام والمحبة والإخاء،
بدلاً من أن يكونا وقوداً لصراعات لا تنتهي ومأسي لا ترحم.

رسالتي هذه، ليست إلا صرخة من قلبٍ موجوع،
لكل ذي ضمير حي، يحمل في قلبه بقايا إنسانية ورحمة وشفقة،
أرجو أن تجد فيكم صدى العقل والرحمة،
وفي صناع القرار الإقليمي والدولي روح التفهم للمأساة التي يعيشها شعبان عظيمان، مزقتهما الأطماع، وتاجر بهما الساسة.

أنا على ثقة، أن في هذا العالم من لا يزال يحمل الخير، ويؤمن بأن السلام الحقيقي لا يُبنى على الدم، بل على العدالة، والاعتراف بحق الآخر في الوجود والكرامة.

زر الذهاب إلى الأعلى