اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

السويداء.. مرآة الانقسام السوري وكشف نوايا إسرائيل ما بعد الأسد

 

النقابي الجنوبي – متابعات

 

في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، تغرق سوريا في فوضى سياسية وأمنية تفتح شهية القوى الإقليمية والدولية لفرض وقائع جديدة على الأرض. وفي هذا السياق المضطرب، تسعى إسرائيل ـ لتعزيز نفوذها في جنوب سوريا، متسترة خلف دعم إنساني مزعوم للدروز في السويداء. لكن ما يبدو مساعدة عابرة، يخفي في الواقع استراتيجية أوسع نطاقا، كما يوضح الدبلوماسي الفرنسي المتقاعد جيرار أرنو في مقاله المنشور بمجلة لوبوان الفرنسية.

آرنو، الذي شغل مناصب دبلوماسية بارزة أبرزها سفير فرنسا لدى واشنطن، يطرح قراءة مغايرة للمألوف، بعيدة عن سطحية وسائل التواصل الاجتماعي، التي تميل ـ كما يصف ـ إلى “رؤية مانوية” تُحول كل حدث معقد إلى معركة خير وشر مبسطة.

– ما بعد الأسد: فسيفساء الميليشيات والتحديات الخمسة

يرى أرنو أن سوريا التي خرجت للتو من 14 عاما من الحرب الأهلية، ليست دولة واحدة بل فسيفساء من المعاقل المسلحة، تديرها فصائل تجندت على أسس طائفية وعرقية. ويعدد التحديات الكبرى التي تواجه السلطة الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع:

1- اقتصاد منهار: الناتج المحلي انخفض إلى النصف مقارنة بـ2010.

2- كارثة بيئية: أسوأ جفاف تشهده البلاد منذ 1956.

3- سلطة مركزية هشة: بحاجة لإقناع الزعامات المحلية بقبول الحكومة.

4- خطر الانتقام: تعطش ضحايا النظام السابق للثأر يهدد التماسك الاجتماعي.

5- ضعف أمني: قوات الحكومة غير منضبطة ومخترقة من تيارات متشددة.

 

– أزمة السويداء.. تدخل إسرائيلي فاضح

يشير أرنو إلى أن أزمة السويداء الأخيرة تمثل انعكاسا حيا لهذا الواقع، حيث تصاعدت التوترات بين الدروز والبدو، وفشل الجيش السوري في بسط السيطرة، بل تعرض لهزيمة مهينة راح ضحيتها عشرات الجنود. هنا، تدخلت إسرائيل ـ بحسب أرنو ـ لوقف تقدم القوات السورية عبر غارات وصلت حتى مشارف القصر الرئاسي في دمشق، في رسالة واضحة: الجنوب يجب أن يبقى خارج نطاق دمشق.

ويؤكد الدبلوماسي الفرنسي أن إسرائيل تطمح لمنطقة “منزوعة السلاح” تحت سيطرة ميليشيات درزية موالية لها، ولا تخجل من فرض هذا الخيار بالقوة، في ظل غياب أي ردع دولي حقيقي.

– رفض إسرائيلي للتسوية

رغم محاولة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع مد اليد نحو تسوية إقليمية، فإن تل أبيب، وفق المقال، لا ترغب في رسم مستقبل سوريا عبر التفاوض، بل بالحقائق على الأرض. بل ويتهم أرنو إسرائيل بالسعي إلى “تفكيك سوريا” لا توحيدها، عبر تغذية النزاعات الطائفية وإنشاء كانتونات عرقية ودينية.

 

– تحذير أخير: الخطر السني

يختم أرنو مقاله بتحذير من أن فشل الشرع في كسب ثقة الأغلبية السنية، في ظل ما تعتبره تهميشا متزايدا، قد يعيد إشعال فتيل الصراع من جديد، ويغرق سوريا في موجة جديدة من العنف يصعب احتواؤها.

زر الذهاب إلى الأعلى