اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

لعبة التوازنات الكبرى.. اليمن في قبضة الفراغ والمصالح المتقاطعة

كتب: وضاح قحطان الحريري

في ظل ما تشهده المنطقة من تصعيد وتداخل في ملفات الصراع، تزداد تعقيدات الحرب في اليمن، وتبدو كل المؤشرات بعيدة عن أي حل سياسي واقتصادي ينقذ البلاد من دوامة الانهيار. فلا المبادرات الدولية تُثمر، ولا الأطراف المحلية تبدو معنية حقًا بالخروج من النفق، بل على العكس، تمارس جميعها سياسة اللعب على حافة الهاوية، وكأنها تحاكي لعبة الكبار في المنطقة، حيث لا منتصر حقيقي، ولا خاسر يُلام.

زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى عدن برفقة الأستاذ سالم بن بريك، ثم مغادرتهما بعد يومين، ليست سوى مشهدٍ عبثي متكرر، يُضاف إلى سلسلة مشاهد “اللاحدث” في الجنوب. إنها زيارة أقرب إلى المسرح السياسي منه إلى التحرك الجاد. لم تتجاوز صدى الصور والمراسم، وغادرت كما جاءت، دون أن تترك أثرًا ملموسًا في الملفات الشائكة التي تنتظر قرارات واضحة وإرادة وطنية صادقة.

أما على مستوى الإقليم، فنحن أمام مسرح أكبر تلعب فيه قوى متعددة: ضربة لإيران من جانب إسرائيل، ثم تصريحات نارية من طهران تتوعد وتندد، لتعود الأمور إلى نقطة الصفر، وكأن كل ذلك لا يتجاوز كونه تبادل أدوار في مسرح إقليمي محكوم بالمصالح. أين الرد؟ وأين الفعل؟ لم نر شيئًا سوى المزايدات الإعلامية والرسائل المبطنة.

في هذا التوازن المريب، نجد أن هناك تناغمًا إيرانيًا – أمريكيًا – إسرائيليًا، قد لا يظهر في العلن، لكنّه يتكشف بوضوح من خلال النتائج: أن تبقى المنطقة، بما فيها اليمن، في حالة هشّة، مفتوحة على كل الاحتمالات، باستثناء الاستقرار. هذه هي اللعبة التي يدفع ثمنها العرب، من دمهم ولقمتهم وسيادتهم.

ما يُؤلم أكثر، هو أن الجنوب، الذي قدّم الكثير، لا يزال يُعامل كملف جانبي، بينما تُرسم الحلول في العواصم، ويُفرض عليه واقع لم يكن شريكًا في صناعته، بل ضحية له.

المشروع الوطني الجامع الذي يناضل من أجله الجنوب، أو الحل السياسي الشامل القائم على خيار الدولتين (شمال وجنوب)، يُعد الطريق الأكثر واقعية وإنصافًا لإنقاذ اليمن من المصير الغامض والفوضى المستمرة، ووضع حد لحالة التيه التي تعيشها البلاد.

إن استمرار هذا العبث السياسي والارتهان للخارج لن يُنتج وطنًا، بل سيُبقي اليمن ساحة مفتوحة لصراع الآخرين، ولن يكون هناك ازدهار أو استقرار طالما بقيت المصالح الأجنبية هي المحرك الأول، وطالما ظلت الإرادة الوطنية غائبة أو مغيبة

زر الذهاب إلى الأعلى