من ينصر مشايخ ريمة؟ صحفي جنوبي يهاجم قنوات الإخوان ويكشف ازدواجية الضمير في قضايا المظلومية

النقابي الجنوبي/ هشام صويلح
في صرخة احتجاجية تعبّر عن الغضب الجنوبي تجاه ازدواجية المعايير الإعلامية، فجّر الصحفي أديب الثمادي موقفًا واضحًا ضد تجاهل الإعلام اليمني لقضية اغتيال الشيخ السلفي صالح حنتوش في محافظة ريمة، على يد ميليشيات الحوثي. مقابل هذا التجاهل، حظيت حادثة مقتل حمار في عدن – قبل عام – بحملة تضامن واسعة، أخرجت القضية من إطارها العادي لتُحوّل إلى سلاح تحريضي ضد الجنوب.
فمن ينصر مشايخ ريمة حين يصمت الإعلام وتُبكى الدواب الإخوانية؟
في الوقت الذي يُقتل فيه شيخٌ سلفيٌ أعزلٌ يدرّس القرآن في أحد مساجد محافظة ريمة شمال اليمن، على يد مليشيات الحوثي دون أن تُحرك الجهات الرسمية أو الشعبية ساكنًا، يحتدم السجال الإعلامي في الشمال حول واقعة مقتل حمار في عدن، وتُحول إلى قضية رأي عام، وتحشد لها القنوات والمنصات الإلكترونية منابرها وطاقاتها.
ذلك التناقض لم يكن عابرًا. بل صارخًا. وما قاله الصحفي الجنوبي أديب الثمادي في رثائه الغاضب للشيخ صالح حنتوش، يكشف بجلاء الفارق بين شعبين، ويفضح بشكل لا لبس فيه الانهيار الأخلاقي والسياسي للنخبة الشمالية التي لم تجد في دماء مشايخها ما يستحق الوقوف أو الاستنكار.
> “هنا يتجلى الفرق بين شعب في الشمال يرى أحد مشايخ علمه السلفيين، الشهيد الشيخ صالح حنتوش، يُدرّس القرآن وعلومه في أحد مساجد ريمة اليمنية، وتم هدم المسجد وقتل شيخه من قبل ميليشيات الحوثي في محافظة ريمة دون أن يُحرّك أحد ساكنًا، وبين شعب آخر في أقاصي الجنوب العربي لم يسمح لأحد من أبنائه أو غيرهم أن يُهان على أرضه أو على يد أيٍّ كان. شعب يأبى الظلم والجور والطغيان، لله درّه”، يقول الثمادي.
الجنوب يرفض التماهي مع ثقافة الإنكار
تصريحات الثمادي لم تأتِ في سياق عاطفي فقط، بل عكست رؤية جنوبية متراكمة تُدين تجاهل قضايا العدالة وحقوق الإنسان عندما يكون الضحية خارج حسابات قوى الهيمنة اليمنية. فقد أظهر التسجيل الصوتي للشيخ حنتوش، قبيل اغتياله، استغاثة خافتة لم تُلبَّ، وصرخة كتمها الإعلام الموجّه عن عمد.
> “التسجيل الصوتي الذي ناشدكم فيه قبل مقتله الشيخ صالح حنتوش – رحمه الله – كلامٌ محزن، وصرخة تكفي أن تُحرّك ضمائركم في ثوانٍ لنجدته، لكن لا حياة لمن تنادي. قومٌ منبطحون ولم يملكوا ذرّة من الإنسانية والنخوة لنصرة المظلوم.”
تُعبّر هذه الجملة عن موقف جذري ليس فقط ضد الحوثيين كمجرمين مباشرين، بل ضد منظومة كاملة من النخب السياسية والدينية والإعلامية التي كرّست ثقافة الإنكار حين تكون الجريمة في “البيت الشمالي”، واكتفت بـ”التضامن الانتقائي” عندما يُراد تشويه صورة الجنوب.
رأي عام يُقاد بالتحريض.. لا بالعدالة
الأشد إيلامًا في رأي الثمادي ليس فقط صمت الشمال، بل حملات التحريض والتشويه التي تُسلَّط على الجنوب عند كل حادثة مهما كانت هامشية. ويضرب مثالًا ساخرًا عن تضخيم واقعة مقتل حمار على يد جندي جنوبي، وكيف جُيّرت تلك الحادثة إلى “قضية رأي عام”، في حين مر مقتل الشيخ دون أي تفاعل:
> “كان حريًا بقنوات الإخوان وصفحاتهم – وعلى أقل تقدير – أن تعطوا جهودكم الإعلامية لنصرة الشيخ وإدانة هجوم الميليشيات على جريمتها البشعة، بنفس الحملة الإعلامية والتضامنية التي حظيت بها حادثة مقتل الحمار بعدن؛ ناصرتم فيها الحمار في عدن، الذي تم قتله من قبل أحد جنود الحزام الأمني قبل عام، وأصبحت قضيته قضية رأي عام بفضل إعلامكم المُغرض والساقط والخبيث والمُسيّس لكل شاردة وواردة بالجنوب.”
هذا التناقض يُبرز ازدواجية المعايير في الثقافة السياسية والإعلامية اليمنية، حيث لا يُقاس الحدث بثقله الإنساني، بل بانتماء الضحية وموقعه من خارطة الولاءات.
شعبان وهوية مرفوضة
وفي تحليله الأوسع، لا يرى الثمادي أن هذه الوقائع مجرد استثناءات، بل انعكاس لما يصفه بـ”الانفصام الجغرافي والثقافي بين شعبين”. ويقول بوضوح:
> “قلناها مرارًا وتكرارًا: إن هنالك شعبين وثقافتين وهويتين، وهم يقولون: (يمن واحد). اخسؤوا ولا تكلّمونا يا حثالة القوم.”
هذه الكلمات، على قسوتها، تعبّر عن حالة الغضب الجنوبي من محاولات فرض هوية سياسية شمالية باسم الوحدة، رغم أن الواقع السياسي والشعبي يُثبت كل يوم أن تلك الوحدة كانت غطاءً لإقصاء وتهميش واستعلاء.
خاتمة
قضية مقتل الشيخ حنتوش لم تكن فقط جريمة جسدية، بل أيضًا جريمة في الضمير، حين فشل إعلام الشمال في قول كلمة حق، ونجح في صناعة ضجيج ضد الجنوب بلا مبرر. طرح الثمادي سؤاله عن “من ينصر مشايخ ريمة؟”، لكن السؤال الحقيقي الأوسع هو: من ينصر العدالة حين تكون ضحيتها خارج منظومة الولاء؟
وفي غياب الرد، يبقى الجنوب وحده الصوت الصادق في زمن الأقنعة.