الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إيران قادرة على استئناف التخصيب خلال أشهر رغم الضربات الأخيرة

في تطور لافت يعيد الأنظار إلى الملف النووي الإيراني، رجّح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، أن تتمكن طهران من استئناف عمليات تخصيب اليورانيوم خلال أشهر قليلة، بالرغم من الأضرار “الكبيرة” التي لحقت بالبنية التحتية النووية الإيرانية جرّاء الضربات الإسرائيلية والأمريكية الأخيرة.
وقال جروسي، في تصريحات أدلى بها أمس السبت 28 يونيو 2025 لشبكة “سي بي إس نيوز”، إن “بعض أجزاء البرنامج لا تزال قائمة”، موضحًا أن إيران تحتفظ بقدرة فنية تمكّنها من إعادة تشغيل مجموعات من أجهزة الطرد المركزي لإنتاج اليورانيوم المخصب، في فترة قد لا تتجاوز عدة أشهر.
هجمات مشتركة استهدفت المنشآت النووية
وكانت إسرائيل قد أطلقت في 13 يونيو الجاري حملة عسكرية واسعة النطاق ضد مواقع نووية وعسكرية في عمق الأراضي الإيرانية، بزعم منع طهران من تطوير سلاح نووي. ووفقًا لتقارير غربية، فإن الضربات استهدفت منشآت مرتبطة بأنشطة تخصيب متقدمة.
لاحقًا، انضمت الولايات المتحدة إلى الهجوم، حيث نفذت ضربات جوية مركّزة ضد ثلاث منشآت رئيسية تُعد من أعمدة برنامج إيران النووي.
وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن الهجمات تسببت في “أضرار جسيمة”، بينما صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن العمليات “أعادت البرنامج النووي الإيراني عقودًا إلى الوراء”.
مخزون اليورانيوم يثير التساؤلات
رغم حجم الدمار، كشف جروسي أن الغموض لا يزال يحيط بمصير نحو 408.6 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب، كانت إيران قد أنتجتها قبل القصف. وتساءل عما إذا كانت طهران قد نجحت في نقل هذا المخزون إلى مواقع بديلة قبل الضربات، مؤكدًا أن الأمر غير محسوم حتى الآن.
هذا المخزون، في حال بقي سليمًا، قد يشكل نقطة انطلاق سريعة لعودة إيران إلى التخصيب بمستويات متقدمة، ويعيد الجدل حول فرص امتلاكها لقدرات تصنيع سلاح نووي خلال وقت قياسي، رغم نفيها المتكرر لذلك.
تصاعد القلق الدولي
ويُنظر إلى تصريحات جروسي على أنها ناقوس خطر للمجتمع الدولي، إذ تؤكد أن إيران لم تفقد بالكامل بنيتها التحتية النووية أو قدرتها على التعافي. وفي ظل رفض طهران تقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي أو الصاروخي، تتعزز المخاوف من دخول المنطقة في موجة جديدة من التوترات النووية.
كما تشير التقديرات إلى أن إيران تمتلك الخبرة والعلماء والتقنيات التي تمكّنها من إعادة تركيب بعض منشآتها الحيوية، حتى لو كانت بحاجة إلى وقت لإصلاح البنية الهندسية الأساسية.
مخاوف من سباق تسلّح إقليمي
يرى مراقبون أن أي استئناف سريع للتخصيب من شأنه أن يشعل سباق تسلح في الشرق الأوسط، خصوصًا مع قلق دول الخليج وإسرائيل من نوايا طهران الإقليمية.
ويخشى البعض من أن تؤدي عودة إيران إلى مسار التخصيب بوتيرة متسارعة إلى تقويض أي مفاوضات مستقبلية محتملة، سواء مع الوكالة الدولية أو مع القوى الكبرى.
في الختام
رغم الضربات الجوية التي وصفت بأنها “الأقسى” منذ سنوات، لم تُنهِ الحملة المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة طموحات إيران النووية. وبينما لا تزال منشآت مدمّرة ومخزون غير معروف المصير، يظل العامل الحاسم هو الوقت، وسرعة ردّ فعل المجتمع الدولي، الذي يترقّب الآن ما إذا كانت طهران ستتخذ طريق التصعيد أم التفاوض.