اقرأ ما بين السطور… فالمعنى لايُقال دائمًا بصراحة

كتب/ جلال باشافعي
القراءة فن، والكتابة عالم من الإبداع، لكنّ هناك مستوى أعمق من كل ذلك… عالم لا يُرى بالعين المجردة ولا يُفهم بالكلمات الظاهرة فقط.
حين يقول لك أحدهم “اقرأ ما بين السطور”، فهو لا يطلب منك أن تعيد قراءة النص، بل أن تعيد قراءة النية خلف النص، أن تفكّ شيفرات المشاعر المختبئة، وأن تفتح قلبك وعقلك لتسمع ما لم يُكتب بالحبر، بل كُتب بالألم أو الأمل أو الوجع أو الحلم.
اقرأ ما بين السطور، يعني:
أن تشعر بما لم يُقال،
أن تلاحظ الصمت قبل الكلام،
أن تتأمل التلميح بدل التصريح،
أن تفهم صرخة الكاتب من بين كلماته الصامتة،
أن تلمح دمعة في جملة… أو تنهيدة في فاصلة.
أخي القارئ…
حين تقرأ منشورًا أو كتابًا أو قصيدة، لا تكتفِ بظاهر الكلمات.
ضع نفسك مكان الكاتب… عِش إحساسه… استشعر ظروفه… حاول أن تسمع صوته الداخلي لا صوت الحروف فقط.
لأن بعض النصوص كُتبت لتُقرأ، وبعضها كُتبت لتُشعر.
ليست كل العيون تُبصر،
وليست كل القلوب تُحس،
وليس كل من يقرأ… يفهم ما بين السطور.
فمن يقرأ ما بين السطور هو إنسان مُرهف… مُثقف… حساس… لا يمرّ على الكلام مرور الكرام، بل يغوص في أعماقه ويستخرج مكنوناته.
هؤلاء قلّة…
لكنّك تستطيع أن تكون منهم…
بالممارسة… بالتأمل… بالتعلّم… وبأن تُنصت أكثر مما تتكلم، وتُفكّر أكثر مما تحكم.
القراءة الحقيقية لا تكتفي بقراءة النص…،بل تسأل: ماذا أراد الكاتب أن يقول ولم يقله؟،ما الذي حاول إخفاءه خلف الكلمات؟،وما الذي كتبه وهو يعلم أن القارئ الذكي فقط هو من سيفهمه؟
اقرأ، وتعلّم أن ترى ما لا يُقال…
لأن الحياة نفسها لا تُروى دائمًا بصراحة، بل تُكتب هي الأخرى… ما بين السطور.
جلال باشافعي | صوت الشعب الجنوبي