اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

الزُبيدي.. الرقم الصعب وأذكى ساسة الجنوب

جلال باشافعي

في زمن تتساقط فيه الأقنعة وتنكشف فيه النوايا، يُثبت القائد عيدروس الزبيدي أنه الرقم الصعب في معادلة الجنوب، والسياسي الأذكى في زمنٍ يعجّ بالمزايدين والانتهازيين.
ليس لأنه الأقوى سلاحًا، ولا لأنه الأعلى صوتًا… بل لأنه الأكثر صبرًا، والأشد حنكة، والأوسع أفقًا.

نجح الزبيدي بسياسة النفس الطويل، هذه السياسة التي لا يتقنها إلا القادة غير العاديين، أولئك الذين يصنعون التاريخ لا من خلال الخطابات، بل من خلال الصبر، والتحمل، والانحناء للعاصفة حين يجب، والوقوف في وجهها حين يلزم.

كثيرون من خصومه – بل حتى من بعض أنصاره – لم يفهموا هذه السياسة في بدايتها، ظنوا أنها ضعف… أو تردد… أو تراجع، لكن الأيام أثبتت أنها كانت خطة محكمة لاستنزاف الخصوم، وجرّهم إلى طرق مسدودة، وجعلهم يُهدرون أوراقهم واحدة تلو الأخرى حتى يقفوا عراةً أمام الحقيقة: لا حل في الجنوب بدون عيدروس.

نعم… استخدم عفاش سياسة النفس الطويل يومًا، لكنه استخدمها في ظروف مريحة، وكان يمتلك فيها كل أدوات الدولة… أما الزبيدي، فقد استخدمها في أصعب المراحل:
– حرب داخلية تمزق النسيج الاجتماعي
– تدخلات إقليمية متناقضة
– توازنات دولية خانقة
– وبيئة جنوبية تبحث عن الأمل وسط الخراب

ومع كل هذا… صمد، ومضى، وثبت.

نعرف أن البعض سيقول: “أنتم تطبلون له”، لكننا لا نمجد أشخاصًا… بل نقرأ الواقع، ونسمي الأشياء بمسمياتها. والحقيقة، أن كثيرًا من خصومه يدركون عبقريته، لكنهم لا يستطيعون الاعتراف بها علنًا، لأن الاعتراف بهزيمتهم السياسية يعني نهاية مشروعهم.

عيدروس الزبيدي لم ينتصر بالسلاح فقط… بل انتصر بالصبر، والدهاء، والعقل، وبفهمه العميق لمزاج الشارع الجنوبي، وبتعامله المرن مع التحالف، وبقدرته على تفكيك شبكات العداء دون ضجيج.

نعم… نحن نعيش مرحلة معقدة، وخصوم الجنوب يراهنون على تفكك الصف، لكن هذا الرجل يثبت في كل مرة أنه رجل دولة… لا رجل شعار.

زر الذهاب إلى الأعلى