النقابي الجنوبي: اعلان كاك بنك
اخبار وتقارير

الحوثيون يصادرون ممتلكات منظمة “رعاية الأطفال” بعد تعليق أنشطتها رسميًا

المنظمة أغلقت مكاتبها إثر وفاة موظف تحت التعذيب بصنعاء

 

كشفت وسائل إعلام محلية ودولية، نقلاً عن مصادر يمنية مطلعة، أن مليشيا الحوثي الانقلابية أقدمت على مصادرة كافة الأصول والممتلكات التابعة لمنظمة “رعاية الأطفال” (Save the Children) في مناطق سيطرتها، بعد نحو شهر من إعلان المنظمة إغلاق مكاتبها في صنعاء وعدد من المحافظات، في تطور خطير يسلّط الضوء على تصعيد الجماعة ضد العمل الإنساني في اليمن.

 

وذكرت المصادر أن العملية تمت بإشراف مباشر من قيادات نافذة في الجماعة، حيث اقتحمت عناصر حوثية مقار المنظمة في صنعاء وفروعها في عمران، حجة، صعدة، الحديدة، وإب، وصادرت تجهيزات ومعدات تشمل سيارات ومولدات كهرباء وأجهزة كمبيوتر، بالإضافة إلى أدوية ومستلزمات مكتبية، بلغت قيمتها التقديرية أكثر من أربعة ملايين دولار.

 

ولم تكتفِ المليشيا بمصادرة ممتلكات المنظمة التشغيلية، بل استولت أيضًا على تجهيزات تندرج ضمن مسؤوليات مالكي العقارات المؤجرة، منها البوابات الحديدية والسواتر الأمنية وأعمدة الإنارة، وحتى التعديلات التي أجرتها المنظمة على المباني أثناء فترة عملها.

 

إغلاق قسري بعد وفاة موظف

 

وكانت منظمة “رعاية الأطفال” قد أعلنت أواخر مايو الماضي عن تعليق أنشطتها بالكامل في مناطق سيطرة الحوثيين، وإنهاء عقود نحو 400 موظف وموظفة، بعد تصاعد القيود المفروضة من الجماعة على العمل الإنساني، وصولًا إلى حادثة أثارت غضبًا دوليًا تمثلت في وفاة مدير قسم الأمن والسلامة بالمنظمة، هشام الحكيمي، أثناء احتجازه لدى الحوثيين بصنعاء.

 

الحكيمي اعتُقل في 9 سبتمبر 2023، ولم يُسمح لأحد بالتواصل معه طوال فترة احتجازه، ولم توجه إليه أي تهم رسمية، ما يعكس نمطًا مقلقًا من الانتهاكات الحوثية بحق العاملين في المنظمات الإنسانية.

 

تصعيد منظم ضد العمل الإنساني

 

تُعد هذه الواقعة الأحدث ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات الحوثية ضد المنظمات الإغاثية. حيث سبق وأن داهمت الجماعة مقر المنظمة في محافظة ذمار عام 2018، ونهبت كافة تجهيزاته. ويتهم موظفون سابقون المليشيا بممارسة نهج منظم لتقييد العمل الإنساني، من خلال الاعتقالات التعسفية، وابتزاز العاملين، وتوجيه اتهامات زائفة لمنظمات دولية، في ظل غياب تام لأي مساءلة.

 

وأكد عدد من الموظفين المفصولين أن المصادرة الحالية تمثل ضربة قاصمة للعائلات اليمنية المستفيدة من برامج الدعم، خصوصًا في المناطق الريفية والمجتمعات الأشد فقرًا التي كانت تعتمد على خدمات “رعاية الأطفال” في مجالات التغذية والتعليم والحماية.

 

استمرار في مناطق الشرعية

 

رغم تصعيد الحوثيين، لا تزال المنظمة الدولية تواصل عملها الإنساني في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، مؤكدة التزامها بتقديم الخدمات للأطفال والأسر الأكثر ضعفًا في اليمن، في ظل أزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها من بين الأسوأ في العالم.

 

ويأتي هذا التصعيد الحوثي بالتزامن مع إعادة تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة مطلع العام الجاري، في خطوة يبدو أنها زادت من عدائية الحوثيين تجاه المنظمات الغربية.

 

تهديد يتجاوز “رعاية الأطفال”

 

ما يجري بحق منظمة “رعاية الأطفال” لا يُعدّ حدثًا معزولًا، بل هو جزء من مشهد أوسع، يعكس تحول جماعة الحوثي إلى سلطة قمعية مغلقة تجاه العمل المدني، في وقت حرج تشهد فيه البلاد ارتفاعًا غير مسبوق في مستويات الفقر والجوع والمرض، وغياب كامل لمؤسسات الدولة في مناطق سيطرة الجماعة.

 

ويرى مراقبون أن استمرار هذا النهج يهدد بانهيار ما تبقى من الجهود الإغاثية الدولية في شمال اليمن، ويضع ملايين الأطفال أمام مصير مجهول، بينما تواصل المليشيا استغلال المساعدات الدولية لأهدافها العسكرية والسياسية.

 

أزمة إنسانية على أعتاب الانفجار

 

يُحذر خبراء الإغاثة من تداعيات هذه الممارسات، مؤكدين أن طرد المنظمات الدولية ومصادرة ممتلكاتها لا يمثّل مجرد انتهاك قانوني، بل هو عامل مفاقم للأزمة الإنسانية المتدهورة أصلًا. فالتضييق على العمل الإنساني لا يحرم السكان من الخدمات الحيوية فحسب، بل يُدخل المجتمع الدولي في مأزق أخلاقي حيال إمكانية الاستمرار في دعم مناطق خاضعة لسلطة لا تحترم أبسط قواعد القانون الإنساني الدولي.

 

إن ما حدث مع منظمة “رعاية الأطفال” يعكس الوجه الحقيقي للمليشيات الحوثية، ويؤكد أن أي حديث عن تهدئة أو شراكة إنسانية مع هذه الجماعة يصطدم بواقع ميداني مرير عنوانه: مصادرة، اعتقال، وتعذيب حتى الموت.

زر الذهاب إلى الأعلى