اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

«المكرمة» سياسة انتقائية تكشف مكيال الشرعية الأعور

 

النقابي الجنوبي/ خاص

تجاهل ممنهج لأسر شهداء وجرحى الجنوب في مكرمة الملك سلمان يفضح خريطة التمييز داخل مؤسسة الدفاع اليمنية

ما الذي يجعل الشهيد في مأرب وتعز والجوف مستحقًا للمكرمة، بينما يُترك نظراؤه في الضالع أو أبين أو شبوة خارج الحسابات؟ ولماذا تتحول “المكرمة الملكية السعودية”، التي يُفترض أنها عربون وفاء لتضحيات أبناء اليمن، إلى مكافأة حصرية لمناطق بعينها دون غيرها؟ وهل ما زال الحديث عن الشراكة قائمًا بينما تُعامل وزارة الدفاع اليمنية الجنوب وكأنه غائب عن سجل التضحية أو غير جدير بالاعتراف؟

في إعلان رسمي يحمل أكثر مما يُقال، أعلن العميد عبداللطيف العواضي، يوم الإثنين الماضي، بصفته رئيس لجان صرف مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عن بدء صرف خمس دفعات من المكرمة السعودية، المخصصة لمنتسبي دائرة الرعاية الاجتماعية في وزارة الدفاع اليمنية، والتي تشمل أسر الشهداء والجرحى المعاقين عن أشهر يناير إلى مايو 2025.

العواضي أوضح أن عملية الصرف تتم بإشراف مباشر من رئيس هيئة الأركان العامة الفريق صغير بن عزيز، مشيرًا إلى أن المكرمة تبلغ قرابة مليوني ريال يمني للضباط، وأكثر من مليون وثلاثمائة ألف ريال للأفراد.

لكن خلف هذه الأرقام الزاهية، تختبئ سياسة انتقائية فجّة تتعمد تجاهل أبناء الجنوب، ممن سقطوا شهداء وجرحى في معارك الدفاع الوطن. إذ لا تشمل كشوفات الرعاية الاجتماعية في وزارة الدفاع إلا أولئك المنتمين للمحافظات الشمالية، دون أي اعتبار لتشكيلات الجنوب أو أفراده، الذين خاضوا وما زالوا يخوضون غمار المعركة ضد الميليشيات الحوثية في كل جبهة من جبهات القتال.

إن ما يجري ليس خطأً إداريًا عابرًا، بل هو نهج متعمد كل عام قائم على التمييز الجغرافي، يعكس وجهًا قبيحًا لشرعية تتشدق بالوحدة، بينما تمارس الانقسام بدم بارد. وإذا كانت التضحيات لا تُحتسب إلا عبر بوابة مأرب، فإن الجنوب لم يكن يومًا بحاجة لإذن كي يقدّم شهداءه دفاعًا عن أرضه وكرامته.

لقد آن الأوان لوزارة الدفاع أن تُحاسَب على هذا الكيل الأعور، وعلى هذا الاستبعاد المخزي، الذي يكشف عن عقلية إقصائية لا تؤمن بالوطن إلا حين يكون شماليًا، ولا تعترف بالدم إلا إذا سُفك على أرض مأرب والجوف. إن استمرار هذا التمييز الصارخ لن يُسهم في تثبيت الشرعية، بل سيزيد من تفككها، ويفضح أكثر فأكثر أنها شرعية بلا عدالة، ومؤسسة بلا إنصاف.

زر الذهاب إلى الأعلى