النقابي الجنوبي: اعلان كاك بنك
مقالات الراي الجنوبي

الذكرى ال( 31) لفك الارتباط: آنَ أوان إعلان الخلاص الجنوبي

د/ عبدالرزاق عبدالله احمد البكري.

 

الأربعاء، 21 مايو، ليست مجرد صفحة في الروزنامة، بل ذكرى الخلاص من جرحٌ مفتوح في خاصرة الجنوب، وندبةٌ لا تندمل في ذاكرة أمةٍ أُجهض حلمها، وسُرقت سيادتها، وقُدِّمت على مذبح “وحدةٍ” وُلدت ميتة ومُسخت إلى احتلال مقنَّع باسم الإخاء.

 

في مثل هذا اليوم من عام 1994م، صرخ الجنوب صرخة مدوية في وجه الغدر والخيانة، ليعلن فك ارتباطه عن شمالٍ تنكّر للعهد، وخان الشراكة، وانقضَّ كذئبٍ مسعور على أرضٍ أهدته ذات يوم مفتاح القلب والبيت والكرامة. حربٌ غاشمة شنتها جحافل صنعاء، لا لنصرة وحدةٍ، بل لاغتيالها، ولتدشين مرحلة سوداء من النهب الممنهج والاستباحة المقننة والقتل على الهوية.

 

لم تكن تلك الحرب مجرد معركة عسكرية، بل كانت مقصلةً للوحدة، ومحرقةً للثقة، وكفنًا لكل الآمال التي عقدها أبناء الجنوب على شراكة ندّية تحفظ السيادة وتصون الأرض والكرامة. فمنذ ذلك اليوم، لم يعد الجنوب شريكًا، بل ضحيةً معلّقة على خشبة الاستغلال، تُنهب ثرواته من نفط وغاز وموانئ، ويُقصى رجاله من القرار، وتُطحن أجياله بين فكي البطالة والإقصاء.

 

نصف قرنٍ مرّ، والوحدة صارت لعنةً، وأضحت “الوطنية” سيفًا مسلطًا على رقاب الأحرار. الجنوب، الذي دخل هذه الوحدة طواعيةً، يُمنع حتى من الخروج منها بسلام. وكأنما “الوحدة” في عرف المحتل قدرٌ أبدي، لا يُردّ، ولا يُناقش، ولا يُفك.

 

إلى متى يا شعب الجنوب تقدمون التضحيات كأنها فرضٌ لا مهرب منه؟

إلى متى يُكتب عليكم أن تتحملوا آثار وجراثيم وحدة مشؤومة، سُقيتم منها كأس العلقم ومرارات السنين؟

إلى متى سنبقى نصرخ في صحراءٍ لا يسمعنا فيها أحد، نسبح في فلاةٍ من خيبات وخيانات؟ وآهات وانات، وآلام واوجاع. منظمة وومنهجة على شعب الجنوب.

إلى متى ستبقى قضيتنا محاصرة في دهاليز النفاق الدولي، رغم عدالة مطلبنا وسلامة حجتنا؟ وضمانة القانون الدولي لحقنا في فض الشراكة، والتي دخلنا فيها بناءً على نصوصة وفقراته.

 

إننا لا نطلب إلا ما هو حق: فك ارتباطٍ دخلناه طوعًا، ونريد مغادرته طوعًا، وبذات الطريقة، لا حربًا ولا دماء.

نريد اعترافًا إقليميًا ودوليًا بأن الجنوب دولةٌ كاملة السيادة كما كانت قبل اتفاق الشراكة المخدوع، اختار أبناؤها النور بعد عقود من الظلام.

نريد أن نُعامل كأمةٍ حية لا كغنيمة حرب.

 

يا شعب الجنوب، لقد آنَ أوان الميلاد الجديد.

لقد آنَ أن نكسر قيود الوهم، ونُعلنها صراحةً: لا وحدة بعد اليوم، لا وصاية بعد الآن، لا استغلال لوهم وسراب الوحدة المشؤوم بعد الآن.

ففي الذكرى ال 31 لفك الارتباط، يجب أن نُجدد القسم: لن نعود إلا ونحن أحرار، ولن نقبل إلا بدولةٍ جنوبية مستقلة، كاملة السيادة، من المهرة حتى باب المندب.

 

هذا عهدُ الرجال، ووعدُ الشهداء، ومصيرُ أجيالٍ تنتظر الخلاص.

 

وللخلاص موعد… وإن طال الطريق.باذن الله تعالى.

زر الذهاب إلى الأعلى