اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

الهجمات الإعلامية على قناة عدن المستقلة .. تحديات وصمود الإعلام الجنوبي

الهجمات الإعلامية على قناة عدن المستقلة .. تحديات وصمود الإعلام الجنوبي

النقابي الجنوبي/تقرير/هشام صويلح

المقدمة

تواجه قناة عدن المستقلة حملة إعلامية شرسة تهدف إلى النيل من مصداقيتها والتشويش على رسالتها. فما هي خلفيات هذه الهجمات؟ وما تأثيرها على الإعلام الجنوبي بشكل عام؟ هل تنجح هذه الحملات في إسكات الصوت الجنوبي؟ هذه الأسئلة تطرح نفسها بقوة في ظل تصاعد الهجمات على وسائل الإعلام التي تمثل القضية الجنوبية.

التمهيد

منذ تأسيسها، أثبتت قناة عدن المستقلة دورها البارز في نقل صوت شعب الجنوب إلى العالم. فالقناة لم تقتصر مهمتها على عرض الأخبار، بل أصبحت منبرًا إعلاميًا يعكس معاناة الشعب الجنوبي وينقل رسالته للعالم. ومع ذلك، تعرضت القناة لعدة هجمات إعلامية، حيث تزايدت الحملات ضدها في الأشهر الأخيرة، محاولةً النيل من مصداقيتها ودورها في الساحة الإعلامية. هذه الهجمات لم تكن عفوية، بل جزءًا من حملة ممنهجة تهدف إلى تشويه صورة القناة وتوجيه ضربات لإعلام الجنوب بشكل عام.

الهجوم على قناة عدن المستقلة ليس مجرد هجوم على وسيلة إعلامية، بل هو هجوم على القضية الجنوبية نفسها. فالقناة ليست مجرد ناقلة للأخبار، بل هي جزء من الصراع الدائر حول هوية الجنوب وطموحاته في استعادة دولته. كما عبر العديد من الشخصيات الداعمة للقناة، فإن هذه الهجمات تأتي في إطار سياسة موجهة لإسكات الصوت الجنوبي، وهو ما أكده العميد ناصر السعدي الذي أعلن تضامنه الكامل مع القناة وقيادتها في مواجهة هذه الحملة.

من جهة أخرى، يُلاحظ أن هذه الهجمات لا تقتصر على النقد البناء، بل تشمل محاولات التشويه والتضليل التي تستهدف إضعاف ثقة الشعب في إعلامه الوطني. كما قال محمد باتيس في أحد تصريحاته: “إن استهداف قناة عدن المستقلة هو استهداف مباشر لقضية شعب الجنوب”. هذا التأكيد يظهر أن أي محاولة للنيل من القناة تعتبر بمثابة محاولة للنيل من الشعب الجنوب نفسه.

إلى جانب ذلك، نشهد تصاعدًا في هذه الهجمات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يحاول البعض التشكيك في مصداقية القناة من خلال نشر الشائعات والإساءات. هذه الهجمات ليست فقط على الأفراد، بل هي محاولة لخلق حالة من الانقسام في صفوف الإعلام الجنوبي.

دروس من التاريخ

لتفهم حجم هذه الهجمات وأسبابها، لابد من العودة إلى التاريخ القريب للإعلام الجنوبي. منذ الاحتلال اليمني للجنوب عام 1994، تعرض الإعلام الجنوبي لشتى أنواع القمع والتضييق. ففي تلك الفترة، تم استهداف العديد من الصحف والقنوات الإعلامية التي كانت تُعبّر عن القضية الجنوبية. من أبرز تلك الأحداث الهجوم المسلح على صحيفة “الأيام” في عام 2009، الذي ترك آثارًا عميقة على المجتمع الصحفي الجنوبي، وجعل الإعلاميين في الجنوب في مواجهة مستمرة مع قوى قمعية تسعى لتقويض حرية الصحافة.

لم يتوقف الأمر عند الاعتداءات على الصحافة المكتوبة، بل شملت الاعتقالات السياسية ضد الصحفيين الجنوبيين في الفترة بين 2007 و2014، والتي أثرت بشكل كبير على حرية التعبير في الجنوب. لم تقتصر هذه الحملة على التهديدات الجسدية، بل امتدت لتشمل حملات تشويه ممنهجة عبر الإعلام الرسمي لقوى الاحتلال.

إضافة إلى ذلك، تعرضت قناة “عدن لايف” لعدة هجمات مماثلة في تلك الفترة، حيث تم استهدافها بشكل متكرر في إطار محاولات للإسكات الإعلامي. ورغم هذه الضغوط، لم تنجح هذه الحملة في إيقاف صوت الجنوب، بل على العكس، زادت من عزيمة الإعلام الجنوبي في مواجهة هذه التحديات.

وفي إطار هذه الهجمات، قدمت الكاتبة الجنوبية ضياء الهاشمي، تأكيدًا قويًا على أن الهجوم على قناة عدن المستقلة ليس مجرد نقد، بل هو محاولة لإسكات الإعلام الجنوبي بكامله. كما تحدثت عن الدور المهم الذي تلعبه القناة في تعزيز الوعي السياسي والثقافي، وأشارت إلى أن الأشخاص الذين يهاجمون القناة هم في الحقيقة يخدمون أجندات مضادة للقضية الجنوبية. وأضافت أن “التشويه والتضليل” لا يجب أن يمر دون مواجهة، وأنه يجب إعادة النظر في كيفية التعامل مع هذه الحملات.

استشراف المستقبل والتأثير

مع تطور هذه الهجمات، قد يعتقد البعض أن الإعلام الجنوبي في خطر. لكن الواقع يشير إلى العكس تمامًا، حيث أظهر الإعلام الجنوبي صمودًا استثنائيًا في مواجهة هذه الحملات. الإعلاميون الجنوبيون أصبحوا أكثر مناعة ضد محاولات التشويه، وهم مستندون إلى إرادة شعب الجنوب وصموده الوطني. ووفقًا لأحمد الربيزي، نائب رئيس مجلس المستشارين في المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن “كل محاولات التشويش على صوت الجنوب ستفشل، لأن الإعلاميين الجنوبيين اكتسبوا مناعة قوية في وجه الاستهداف”.

المستقبل يشير إلى أن الإعلام الجنوبي سيظل ركيزة أساسية في مواجهة محاولات إسكات الصوت الجنوبي، بل إن هذه المحاولات ستزيد من عزيمة الإعلاميين في متابعة نشر رسالتهم وتوضيح الحقائق أمام العالم.

الخاتمة

على الرغم من الهجمات الإعلامية المستمرة، تظل قناة عدن المستقلة جزءًا لا يتجزأ من الصراع “الجنوبي – اليمني” وتواصل نشر رسالتها بكل صدق واحترافية. إن هذه الهجمات لا تمثل سوى محاولة يائسة لإيقاف الحقيقة عن الوصول إلى جمهورها. الإعلام الجنوبي سيظل صامدًا في مواجهة هذه التحديات، ولن تنجح أي حملة في إسكاته، لأن صوت الجنوب لن يُطفأ مهما كانت المحاولات.

زر الذهاب إلى الأعلى