ماذا يخبرنا التشرد في المنام عن حالنا النفسي والمجتمعي؟
النقابي الجنوبي/خاص
تمثل رؤية التشرد في المنام لدى المفسر الإسلامي الشهير ابن سيرين مرآة تعكس أعماق النفس البشرية وما يعتريها من هموم ومخاوف وضغوط. فالمنام الذي يصوّر الإنسان بلا مأوى لا يُعدّ مجرد مشهد عابر، بل رسالة رمزية تحمل دلالات اجتماعية ونفسية عميقة.
وفقًا لابن سيرين، فإن من يرى نفسه أو غيره مشردًا في الحلم، فقد يكون ذلك مؤشراً على شعور داخلي بالقلق والاحتياج، سواء كان مادياً أو عاطفياً. وتزداد دلالة القلق عندما يتمحور المشهد حول أسرة كاملة بلا مأوى، وهو ما يعكس في الأغلب مخاوف الحالم بشأن معاناة أسرته أو مستقبلها.
أما إذا ظهر المتشردون في الشوارع، فإن الحلم يُحيل إلى مشهد أكبر من معاناة فردية، إذ يُفسَّر على أنه إنذار بانتشار الفقر في المجتمع. وعلى نحو رمزي آخر، فإن رؤية المتشردين بالقرب من المساجد يُعبّر عن تفشي الفساد الأخلاقي والانحراف عن القيم الدينية، بينما يشير وجودهم في الحدائق العامة إلى تنامي البطالة وتزايد صعوبات العيش.
ويتوسع ابن سيرين في تفسيراته ليربط بين دمار البيوت والتشرد القسري في الأحلام، وبين احتمالات الحروب أو الكوارث التي تطيح بالاستقرار. كذلك، فإن رؤية مدينة كاملة تضم عائلات مشردة تحمل دلالة على غلاء المعيشة وتدهور الأوضاع الاقتصادية فيها.
ولم يغفل التفسير البعد الاجتماعي للعلاقات الشخصية؛ فرؤية الأصدقاء بلا مأوى تُشير إلى وجود خلافات قائمة أو قادمة، بينما إن كان العدو هو من يعيش هذه الحال، فإن المنام يُبشّر بانتصار الحالم وضعف خصمه.
كما يتطرّق ابن سيرين إلى تفسيرات فردية دقيقة، منها أن رؤية شخص معروف يتسوّل في المنام تُعبّر عن مروره بضائقة فعلية وحاجته إلى العون، فيما تُنذر رؤية أحد الأقارب مشردًا بوجود خلل أو نزاع داخل الأسرة.
وتأخذ الرؤية منحى آخر عندما يظهر شخص مسن بلا مأوى، إذ تُعكس من خلالها ضغوط الحياة التي يعجز الحالم عن تحملها، ما يجعله في مواجهة مباشرة مع أعباء قديمة أو قادمة. أما إذا كان المتشرد أحد الخصوم، فإن هذا يدل على علو شأن الحالم وتفوقه في الواقع.
بهذه القراءة الرمزية الدقيقة، يقدّم ابن سيرين تفسيرًا غنيًا لرؤية التشرد في المنام، موضحًا كيف يمكن للحلم أن يحمل تحذيرًا من الأزمات أو بشائر بانفراج الخصومات، وفقًا لتفاصيله الدقيقة وسياقه الاجتماعي والنفسي.