اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
اخبار تعز

الاعتقال الحيّ أم القتل الميداني.. تساؤلات حقوقية وقضائية بعد مقتل المتهم في قضية افتهان المشهري؟

الاعتقال الحيّ أم القتل الميداني.. تساؤلات حقوقية وقضائية بعد مقتل المتهم في قضية افتهان المشهري؟

النقابي الجنوبي/تعز/خاص

هل كان من الممكن أن تُفضي ملاحقة المتهم الرئيسي باغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين في تعز، افتـهان المشهري، إلى اعتقال حيّ يفتح باب التحقيق وكشف خيوط الجريمة؟ أم أن خيار القتل الميداني كان هو النتيجة الوحيدة المتاحة للأجهزة الأمنية؟
هذا السؤال يفرض نفسه بقوة بعد إعلان شرطة تعز مقتل محمد صادق المخلافي، المتهم بتنفيذ عملية الاغتيال، في عملية أمنية مثيرة للجدل.

رواية رسمية مثقلة بالجدل

مساعد مدير أمن تعز، نبيل الكدهي، صرّح بأن المتهم “أُصيب أولاً، ثم جرى القضاء عليه لاحقاً”. تصريح بدا كافياً لإشعال عاصفة من التساؤلات، إذ فتح الباب أمام فرضية أنه كان بالإمكان القبض عليه حيًّا.
في المقابل، تؤكد بيانات الشرطة أن الحملة الأمنية واجهت مقاومة عنيفة، حيث ألقى المتهم قنابل يدوية وأصاب عناصر في القوة، ما دفع إلى “التعامل معه والقضاء عليه”.

البعد الحقوقي: هل جرى تجاوز القانون؟

من منظور حقوقي، يرى المحامي خالد المقطري أن “تصفية متهم بعد إصابته تُضعف ثقة الشارع بإجراءات العدالة، لأن الأصل هو جلبه للتحقيق، خصوصاً في قضية اغتيال أثارت صدمة عامة”. ويضيف: “القبض الحيّ كان سيُتيح كشف الجهات التي خططت ومَوّلت، أما التصفية فهي تطوي الملف بسرعة قد تخدم أطرافاً خفية”.

أما الناشطة الحقوقية منى الشيباني، فتربط الحادثة بسلوك أمني متكرر: “نحن أمام حالة نمطية، حيث يتم إغلاق القضايا بتصفية المنفذ المباشر، دون بناء ملف متكامل يكشف العقل المدبر. هذا يعزز الإحباط الشعبي ويمنح الانطباع بأن هناك من يريد إخفاء الأدلة”.

الرؤية الأمنية: اعتبارات الميدان

في المقابل، يبرر الخبير الأمني المتقاعد عادل الجندي طبيعة ما جرى: “الحملات الميدانية لا تجري في ظروف مثالية، والقوات تتحرك في بيئة خطرة. عندما يواجه المتهم الأمن بالقنابل والسلاح، الأولوية تصبح تحييد الخطر. إصابته قد لا تعني أن السيطرة عليه كانت مضمونة”.

ويضيف: “لكن هذا لا يمنع من ضرورة مراجعة الإجراءات، بحيث تُعطى الأولوية دوماً للاعتقال الحي، لأنه أكثر فائدة للتحقيق والاستخبارات”.

القراءة القضائية: أثر مباشر على العدالة

القاضي محمد قحطان يرى أن القضية تضع القضاء في موقف معقد: “غياب المتهم يعني غياب المحاكمة، وبالتالي تظل أسئلة العدالة ناقصة. لدينا جريمة كبرى هزت تعز، والمجتمع ينتظر كشف الشبكة، لا مجرد إغلاق الملف بوفاة المنفذ”.

ويشدد على أن “التصفية وإن كانت نتيجة ظرفية، إلا أنها تُلقي عبئاً على القضاء والنيابة للتحرك نحو تتبع بقية الأطراف، وعدم الاكتفاء بتبرير الرواية الأمنية”.

البُعد السياسي والأمني الأوسع

تحليل نشطاء سياسيين يذهب إلى أن ما جرى يعكس مأزقاً أكبر في بنية الأجهزة: ضعف التنسيق بين الأمن والقضاء، وضبابية قواعد الاشتباك.
الناشط السياسي عبدالله العبسي يرى أن “العملية تكشف أزمة ثقة مضاعفة: ثقة الشارع بالأمن من جهة، وبالعدالة من جهة أخرى. إذا لم تُجرَ مراجعة شاملة، فستظل الجريمة سابقة مقلقة لمستقبل إنفاذ القانون في تعز”.

أسئلة بلا إجابة

بين الرواية الأمنية التي تؤكد على “الضرورة الميدانية”، والرؤية الحقوقية التي تصر على “إمكانية الاعتقال الحي”، يبقى السؤال معلقاً: هل طويت قضية افتـهان المشهري فعلاً بمقتل منفذها المزعوم، أم أن تصفيته مجرد فصل أول في ملف أكثر تعقيداً؟
المجتمع المحلي ينتظر، والعدالة لا تزال مطالَبة بالكشف عن من خطط، موّل، وغطّى، قبل أن يطوي النسيان واحدة من أخطر جرائم الاغتيال التي شهدتها مدينة تعز اليمنية.

زر الذهاب إلى الأعلى