اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

حرب نفسية واقتصادية.. كيف تحاول المليشيات الإخوانية والحوثية إسقاط الجنوب؟

النقابي الجنوبي/خاص

في خضم الأزمات التي يشهدها الجنوب العربي، تتصاعد وتيرة الاستهداف الممنهج من قبل المليشيات الإخوانية والحوثية، التي تسعى إلى استغلال الوضع المعيشي والاقتصادي لتمرير أجنداتها التخريبية، هذا التحالف غير المعلن بين الطرفين يعتمد على أساليب متعددة، تبدأ بالحرب الإعلامية وتنتهي بخلق بيئة من الفوضى والتخبط، في محاولة لضرب استقرار الجنوب وإضعافه.

حرب إعلامية لتشويه الجنوب

وتشن المليشيات الإخوانية حربا إعلامية ممنهجة تستهدف الجنوب، مستغلة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي كانت هي نفسها أحد أسباب تفاقمها، عبر وسائلها الإعلامية وكتائبها الإلكترونية، تحاول تصوير الجنوب وكأنه يمر بأسوأ الظروف، بينما تتجاهل بشكل متعمد حجم الكوارث والأزمات التي تضرب المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وعلى الجانب الآخر، تسعى المليشيات الحوثية إلى استغلال هذه الأزمة من خلال خطاب إعلامي يهدف إلى تحسين صورتها أمام الرأي العام، متناسية أنها أحد الأسباب الرئيسية لما يعانيه اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص.

ويكشف التنسيق الإعلامي بين الطرفين عن وجود أجندة مشتركة تستهدف زعزعة استقرار الجنوب، عبر تشويه الحقائق ونشر الأكاذيب، لتأليب الرأي العام ضد القيادة الجنوبية وإثارة الفوضى.

وتؤكد هذه الحملة الممنهجة أن الحرب ضد الجنوب ليست فقط عسكرية، بل إعلامية وسياسية أيضا.

سلاح التضليل والشائعات

وتعتمد الآلة الإعلامية للمليشيات الإخوانية بشكل أساسي على نشر الشائعات والأخبار المفبركة حول الأوضاع في الجنوب، بهدف خلق حالة من الغضب الشعبي وتأجيج الشارع ضد السلطات المحلية، ويتم تصوير الأزمات الاقتصادية والمعيشية وكأنها ناتجة عن فشل إداري، بينما يتم التغطية على دور هذه المليشيات في خلق هذه الأزمات وإدارتها لتحقيق أهداف سياسية.

وبالتوازي مع ذلك، تستغل المليشيات الحوثية الوضع لشن حملة دعائية مضللة، تصور الجنوب وكأنه في حالة انهيار تام، متناسية حجم المآسي الإنسانية التي يعيشها المواطنون في مناطق سيطرتها، حيث الفقر المدقع والقمع المستمر.

والهدف من هذا التضليل الإعلامي هو نشر الفوضى وزرع الإحباط في صفوف المواطنين، لتهيئة الأجواء أمام توسع النفوذ الحوثي في الجنوب، بدعم غير مباشر من المليشيات الإخوانية التي لا ترى في الجنوب سوى ورقة للمساومة والابتزاز السياسي.

تحالف خفي لضرب الجنوب

ورغم الاختلاف الظاهري بين المليشيات الإخوانية والحوثية، إلا أن الواقع يكشف عن تنسيق واضح بين الطرفين ضد الجنوب العربي، وهذا التحالف غير المعلن تجلّى في أكثر من محطة، حيث قامت المليشيات الإخوانية بتمهيد الطريق للحوثيين للتوسع عسكريا في بعض المناطق الاستراتيجية.

وكان التلاعب بالملف الأمني أحد أبرز أساليب هذا التحالف، حيث تعمدت المليشيات الإخوانية إضعاف الجبهة الداخلية للجنوب، عبر افتعال الأزمات وإثارة الخلافات، في حين كان الحوثيون يستغلون هذا الوضع للتقدم على الأرض.

وفي الجانب الاقتصادي، لعبت المليشيات الإخوانية دورا أساسيا في تعطيل الجهود التنموية في الجنوب، من خلال الفساد وافتعال الأزمات، بينما فرضت المليشيات الحوثية حصارا اقتصاديا غير معلن، مستهدفة الموانئ والمرافق الحيوية، في محاولة لخنق الجنوب اقتصاديا وآخرها (الغاز).

ولا يهدف هذا التحالف فقط إلى تحقيق مكاسب آنية، بل يسعى إلى استنزاف الجنوب على المدى الطويل، لإضعاف موقفه السياسي والعسكري، وجعله عاجزا عن إدارة شؤونه بشكل مستقل.

المتاجرة بمعاناة المواطنين

وأصبح استغلال الأزمات الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية نهجا واضحا تتبعه المليشيات الحوثية والإخوانية، فكل طرف يحاول استغلال معاناة المواطنين في الجنوب لتحقيق أهدافه، سواء عبر خلق الأزمات أو عبر توظيفها في حملاته الإعلامية.

وتحاول المليشيات الحوثية التي تعاني مناطقها من انهيار اقتصادي شامل، تصوير الجنوب وكأنه يواجه كارثة غير مسبوقة، في محاولة لإبعاد الأنظار عن الكوارث التي تسببوا فيها في الشمال، بينما تدعي المليشيات الإخوانية القلق على أوضاع الجنوب، في حين أنها مستمرة في سياساتها التخريبية هناك.

وأصبح المواطن الجنوبي في قلب هذه المعركة، حيث يتم استخدامه كورقة ضغط سياسي، دون أي اعتبار لحجم المعاناة الحقيقية التي يمر بها، وتعكس هذه السياسات استهتارا واضحا، وتؤكد أن الهدف الأساسي لهذه المليشيات ليس تحسين الأوضاع، بل استغلالها لمصالحها الضيقة.

ضرب الاقتصاد لإضعاف الجنوب

وليس إضعاف الجنوب مجرد سياسة عشوائية، بل هو استراتيجية مدروسة تنفذها المليشيات الحوثية والإخوانية بشكل متكامل، عبر تعطيل المؤسسات الحيوية وخلق أزمات معيشية خانقة، تحاول هذه القوى جعل الحياة اليومية في الجنوب أكثر صعوبة، لدفع المواطنين إلى حالة من الإحباط والاستسلام.

وتعمل المليشيات الإخوانية تعمل على تعطيل عجلة التنمية، عبر فرض سياسات فساد ممنهجة تضر بالبنية التحتية الاقتصادية، ووفي الوقت نفسه، تستهدف المليشيات الحوثية الموانئ والشركات النفطية بحصار غير معلن، مما يؤثر على حركة التجارة ويعمق الأزمة الاقتصادية.

ويؤكد هذا التناغم في استهداف الجنوب أن الأمر ليس مجرد صدفة، بل خطة محكمة تهدف إلى إنهاك الجنوب وتجريده من قدرته على النهوض، ليبقى رهينة لهذه المليشيات وأجنداتها الخارجية.

وإلى جانب استهداف الاقتصاد، تعمل المليشيات الإخوانية والحوثية على زعزعة الأمن في الجنوب، عبر دعم الجماعات الإرهابية والخلايا التخريبية، و هذا التكتيك يهدف إلى إبقاء الجنوب في حالة فوضى دائمة، لمنع أي استقرار قد يهدد مصالح هذه القوى.

وقامت المليشيات الإخوانية بزرع عناصر تخريبية داخل الأجهزة الأمنية، لتعطيل جهود فرض الأمن، في حين يستفيد الحوثيون من هذا الوضع عبر تغذية الصراعات الداخلية، ومحاولة إيجاد موطئ قدم لهم في الجنوب.

وتمثل الفوضى الأمنية بيئة خصبة لهذه المليشيات، حيث تتيح لها فرض نفوذها وتبرير تدخلاتها، تحت غطاء معالجة الأوضاع، هذه الاستراتيجية ليست جديدة، بل تم استخدامها مرارا لإضعاف خصومهم وفرض سيطرتهم بالقوة.

حرب الاستنزاف

ورغم هذه الحرب الممنهجة، فإن الجنوب العربي لا يزال صامدا في مواجهة هذه المخططات، الوعي الشعبي المتزايد بحقيقة هذه الاستهدافات، جعل المواطنين أكثر إدراكا لخطورة المخططات التي تحاك ضدهم.

وتعكس التحركات الشعبية الأخيرة رفضا واسعا لحملات التضليل الإعلامي، ومحاولات استغلال الأزمات لتحقيق مكاسب سياسية، كما أن الجهود المستمرة لتعزيز الاستقرار، رغم التحديات، تمثل عقبة رئيسية أمام نجاح هذا التحالف المشبوه.

ولا شك أن الجنوب يواجه تحديات كبيرة، لكن إدراك حجم المخاطر المحيطة به يشكل خطوة أولى نحو المواجهة الفعالة، و محاولات المليشيات الحوثية والإخوانية لضرب استقرار الجنوب لن تتوقف، لكن وعي المواطنين وصمودهم كفيل بإفشال هذه المخططات كما حدث في السابق.

والمعركة ليست فقط على الأرض، بل في الوعي والإعلام والسياسة، والاستمرار في التصدي لهذه الحروب المختلفة هو الضمانة الوحيدة للحفاظ على مكتسبات الجنوب ومستقبله.

زر الذهاب إلى الأعلى