الصبي الذي احتال على الطيبين وتاجر بمعاناتهم

كتب/جلال باشافعي
إنه لمن أكثر المواقف غرابة وسخرية أن ترى من ينصب على الناس بلا رحمة، ويسرق أموالهم تحت غطاء الخداع والكذب، ثم يظهر لاحقًا بمظهر الملاك الرحيم، يتبرع للفقراء ويعلن ذلك أمام الجميع وكأنه يريد غسل يديه من ذنوبه أو تغطية سواده الداخلي بفعل يبدو نقيًا. كيف لإنسان أن يجمع بين أقصى درجات الظلم وأدنى درجات الرحمة في آنٍ واحد؟ هل يُصلح التبرع أموالًا جُمعت من تعب المظلومين ودموعهم؟
ولكن هنا يأتي السؤال الذي يتجاهله الجميع: ماذا عن أولئك الذين كانوا ضحايا لهذه الأفعال؟ ماذا عن الفقراء الذين سرقهم هذا الشخص أو تلك الجهة؟ هل تمت إعادة حقوقهم؟ أم أن الرحمة تُمارس فقط في دائرة مغلقة من الاستعراض المزيف؟
الظلم الذي يتبعه إحسان ليس إحسانًا، بل هو محاولة لتجميل الوجه القبيح، وكل من يبارك أو يدافع عن مثل هذه الأفعال شريك في الجريمة. الإنسانية الحقيقية تبدأ من العدل واحترام حقوق الآخرين، لا من سرقة هذا ليُعطى ذاك. والضمير الحي لا يقبل أن تُبنى الرحمة على أكتاف المظلومين. العطاء الصادق لا يمكن أن يُبنى على الكذب والسرقة، وإلا فقد كل معناه وأصبح مجرد خدعة جديدة في سلسلة من الخدع.
جلال باشافعي
الاتحاد العام لنقابات الجنوبيه