البطاقة الذكية : مشروع حكومي يضاعف من معاناة المواطنين ويفاقم الأزمات

تقرير/ عبدالواحد قائد شائف
* في ظل الأزمات المستمرة التي يعاني منها الشعب الجنوبي بصفة خاصة، أُطلق مشروع البطاقة الذكية كإجراء حكومي كان من المفترض أن يسهم في تحسين الخدمات الحكومية وتسهيل المعاملات للمواطنين. لكن الواقع كان مغايرًا تمامًا لتوقعات المواطن البسيط، إذ تسبب المشروع في تفاقم معاناة العديد من المواطنين في الجنوب بصفة عامة، والضالع بصفة خاصة التي تعاني من مشكلات متعددة نتيجة نقص الأجهزة وعدم وجود بنية تحتية كافية.
* الضغظ على المواطنين وتحديات الوصول إلى البطاقة الذكية
في سياق القرارات الحكومية الأخيرة، تم إلزام الموظفين والمعلمين والطلاب بالحصول على البطاقة الذكية بحلول نهاية عام 2024. هذا القرار كان له تأثير كبير على الشعب اليمني، الذي يعاني أساسًا من أزمة اقتصادية خانقة. لم تضع الحكومة في اعتبارها صعوبة الوصول إلى المراكز، الازدحام الشديد، والضغط على الموظفين العاملين في المراكز التي لا تكفي لتلبية احتياجات المواطنين. وبالتالي، يزداد العبء على المواطنين الذين يضطرون إلى الانتظار لفترات طويلة للوصول إلى خدمات البطاقة.
* مراكز الأحوال المدنية: أزمة نقص الأجهزة في الضالع
تواجه محافظة الضالع ضغطًا هائلًا على المراكز التي توفر خدمة البطاقة الذكية. على الرغم من أن مركز الضالع يحتوي على جهازين فقط، فإن هذا العدد غير كافٍ لتلبية احتياجات السكان المتزايدة في هذه المنطقة التي تشهد إقبالًا كثيفًا من المواطنين. وبالمثل، لا يختلف الوضع في مركز سناح، الذي يحتوي على ثلاثة أجهزة فقط. هذه الأعداد المحدودة لا تكفي لتغطية احتياجات المواطنين في المناطق الأخرى مثل يافع وردفان، مما يجبرهم على السفر لمسافات طويلة إلى هذه المراكز. هذا الأمر يسبب ضغطًا إضافيًا على المرافق وعبئًا اقتصاديًا ومعنويًا كبيرًا على الأسر.
* غياب التخطيط الحكومي : فشل في تلبية احتياجات المواطنين
تظهر سياسة الحكومة في تنفيذ مشروع البطاقة الذكية بوضوح غياب التخطيط السليم. لم تُتاح المعدات والموارد الكافية في المراكز الرئيسية، ولم تُفتح مراكز فرعية تغطي جميع المديريات. على سبيل المثال، يعاني مركز الضالع من نقص في الأجهزة، في حين أن مركز سناح أيضًا غير قادر على تحمل الضغط المتزايد من المواطنين في المنطقة. لم تتم مراعاة الكثافة السكانية في المديريات التي تجذب أعدادًا كبيرة من الناس، مثل يافع وردفان، مما جعل الوضع أكثر تعقيدًا وأدى إلى تراكم الطلب على هذه المراكز.
* المسؤولية على عاتق الحكومة: وضرورة تحسين البنية التحتية
إذا كانت الحكومة جادة في تحسين الوضع، يجب عليها أن تعمل على توفير المزيد من الأجهزة في المراكز الرئيسية والفرعية في المحافظات الجنوبية. كما يجب عليها أن تفتح مراكز جديدة في المديريات الكبرى لتوزيع الضغط وتسهيل عملية الحصول على البطاقة الذكية لجميع المواطنين. إن فرض قرارات جديدة دون توفير البنية التحتية اللازمة لذلك لا يعد إلا تحميل المواطن العبء الأكبر، الذي لا يستطيع تحمله في ظل هذه الظروف الصعبة.
* خلاصة القول: معاناة مستمرة وغياب للحلول
إن القرارات الحكومية المتعلقة بالبطاقة الذكية قد فشلت في تحسين الوضع، وأدت إلى زيادة معاناة المواطنين في ظل نقص الإمكانيات. على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة في معالجة هذا الوضع الكارثي، وتوفير الحلول العاجلة، أو أنها ستظل سببًا رئيسيًا في معاناة الشعب. استمرار تجاهل الحكومة لهذه المعاناة سيزيد من الأعباء على المواطنين، وقد يجعل القرارات الحكومية غير المدروسة في هذا المشروع وبالًا عليها.
إذا كانت الحكومة جادة في تنفيذ مشروع البطاقة الذكية بنجاح، يجب عليها أولًا أن توفر الإمكانيات اللازمة، وتعيد النظر في جدول المهل الزمنية. إن استمرار الوضع الحالي يعني أن الحكومة ستدفع ثمن قراراتها غير المدروسة التي فرضت عبئًا إضافيًا على المواطنين الذين يعانون أصلاً من أزمة اقتصادية خانقة. فالشعب لا يحتاج إلى قرارات جديدة تزيد معاناته، بل إلى حلول حقيقية تحسن من وضعه وتوفر له حياة كريمة