اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

الدور التخريبي لتجار القات الشماليين في الجنوب وأثره على العملة الصعبة والأسعار

 

بقلم د.  عبدالرزاق عبدالله أحمد البكري.

باحث سياسي وأكاديمي.

 

لم يعد ما يقوم به باعة القات القادمين من المحافظات الشمالية مجرد نشاط تجاري عابر، بل صار عملية منظمة، ذات أبعاد اقتصادية مدمرة، تنخر في عصب الاقتصاد الجنوبي وتستنزف موارده النقدية بكل دهاء وخبث.

 

هؤلاء التجار يأتون إلى الجنوب محملين بأوراقهم الخضراء الرديئة، ويغرسونها في سوق الجنوب بأسعار مشتعلة، ثم يستنزفون العملة الصعبة من أيدي التجار والمواطنين تحت ذريعة شراء القات. ثم يقومون بتحويل الريال الجنوبي أو المحلي إلى دولارات وريالات سعودية، بأي سعر كان، دون وازع أو ضابط، مما يؤدي إلى زيادة الطلب الجنوني على العملة الأجنبية، وبالتالي رفع أسعارها في السوق بشكل مضطرد، يجر معه التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات الاساسية في الجنوب.

 

لكن الكارثة لا تنتهي هنا؛ فبعد أن ينهبوا العملة الصعبة من الجنوب، يعودون بها إلى الشمال لشراء القات من مزارعهم هناك، ثم يعيدون تصديره إلى الجنوب. وهكذا تدور الحلقة الجهنمية: الجنوب يخسر عملته الصعبة ويستورد سلعة لا تعود عليه بأي منفعة اقتصادية حقيقية، بينما الشمال يربح المال ويعزز إنتاجه.

 

بل المواطن الجنوبي يخسر صحته وحياته والملفت والادهى من ذلك وأمر أن القات المستورد من الشمال له اضرار صحية كبيرة غير الموجود في الجنوب، حيث انه باتي محمل ومشبع بالسم القاتل بطريقة جنونية هستيرية بدون وازع انساني.

حيث يستعمل السم الذي يستخدم لقتل الحيوانات المفترسة لزراعة القات وتربيته، بحجة أن السم يزيد القات رونق وجمال متساهلين بحياة بشر ونفوس حرم الله قتلها أو الحاق الضرر بها.

 

وفي الايام الاخيرة ولما وُضعت الحكومة بعض القيود على شرائهم للعملة الأجنبية في الجنوب، ابتكروا حيلة أخطر وأشر من الاولى وهي: شراء الذهب من أسواق الجنوب، ليحملوه إلى الشمال حيث يتم تصريفه أو بيعه مقابل العملة الصعبة، ثم إعادة تدوير الأموال في تجارة القات. هذه الطريقة الخبيثة لا تؤدي فقط إلى رفع أسعار العملة الأجنبية، بل أيضًا إشعال أسعار الذهب محليًا، مما يضاعف الأعباء على المواطنين.

 

الأثر الاقتصادي لهذه الممارسات:

1. نزيف احتياطي العملة الصعبة في الجنوب، ما يضعف قدرة التجار المحليين على الاستيراد الشرعي.

 

2. ارتفاع متسارع في أسعار الصرف نتيجة المضاربة الجشعة.

 

3. زيادة التضخم وغلاء المعيشة بفعل ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

 

4. استنزاف مخزون الذهب المحلي وحرمان السوق من استقراره.

 

5. تحويل الجنوب إلى سوق استهلاكي هش تابع لاقتصاد الشمال، بدل أن يكون منتجًا ومكتفيًا.

 

الحلول المقترحة:

1. منع استيراد القات من الشمال نهائيًا، وجعل ذلك قرارًا سياديًا غير قابل للمساومة.

 

2. فرض قيود صارمة على تداول العملة الأجنبية، مع منع بيعها إلا عبر قنوات رسمية وبوثائق واضحة.

 

3. منع بيع الذهب بكميات كبيرة للأشخاص المشتبه بهم أو غير المقيمين في الجنوب إلا بتصاريح رسمية.

 

4. تفعيل الرقابة الجمركية والمنافذ البرية لمنع إدخال القات و تهريب الذهب بكميات تجارية خارج الأطر القانونية.

 

5. إطلاق حملات توعية اقتصادية تشرح للمواطنين مخاطر بيع العملة والذهب لهؤلاء التجار. واخطار نبتة القات واضرارها ناهيك عن السهم الذي يغرس في احشائها.

 

6. تحفيز زراعة بدائل اقتصادية داخل الجنوب لتقليل الاعتماد على القات المستورد.

 

7. إنشاء وحدة استخبارات اقتصادية ترصد هذه الأنشطة وتغلق شبكات التهريب والمضاربة.

 

إن السكوت عن هذه الممارسات خيانة اقتصادية صريحة، وترك الحبل على الغارب لهؤلاء التجار يعني تسليم مفاتيح استقرارنا النقدي في يد من يسعى إلى تدميره. فالقرار هنا ليس خيارًا اقتصاديًا فقط، بل معركة سيادة وكرامة.

زر الذهاب إلى الأعلى