عنصر منسي في طعامك قد يفسّر تعبك المزمن!

وسط تزايد الشكاوى من الإرهاق المستمر رغم الحصول على ساعات نوم كافية، حذّر خبراء تغذية من عامل خفي قد يكون وراء هذا الخلل الجسدي والعقلي: نقص الكولين، وهو عنصر غذائي أساسي لا يحظى بالاهتمام الكافي رغم دوره الحيوي في الجسم.
تقول أخصائية التغذية العلاجية “هانية فيدمار” لصحيفة ذا ستاندرد إن الكولين يلعب دوراً مركزياً في وظائف الدماغ، تنظيم المزاج، دعم الذاكرة وصحة الكبد، مشيرة إلى أن نقصه قد يؤدي إلى انخفاض الطاقة، ضعف التركيز، وظهور علامات الكبد الدهني.
الكولين تُنتجه أجسامنا بكميات صغيرة في الكبد، إلا أن الجزء الأكبر من احتياجاتنا الغذائية يأتي من تناول أطعمة مثل اللحوم الحمراء، الدواجن، البيض، الأسماك والحليب. وفي المقابل، يمكن للنباتيين الحصول عليه من مصادر نباتية مثل البروكلي، الفول السوداني، الفطر، والفاصوليا الحمراء، وإن كانت الكميات فيها أقل.
وبحسب فيدمار، فإن أهمية الكولين لا تقتصر على تعزيز النشاط العقلي؛ بل تشمل كذلك تقليل القلق وخفض خطر الإصابة بالاكتئاب. كما تربط دراسات طبية نقص الكولين أثناء الحمل بزيادة احتمالية إصابة الأطفال باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
ويُعد هذا العنصر ضرورياً لتكوين الدهون التي تحافظ على هيكل الخلايا، إلى جانب دوره في تركيب المركبات المسؤولة عن نقل الإشارات العصبية. كما يساعد الكولين الكبد في التخلص من الكوليسترول الضار، ما يساهم في خفض خطر الجلطات القلبية والسكتات الدماغية.
من جانب آخر، يُعد الكولين حجر الأساس لإنتاج “الأسيتيل كولين”، وهو ناقل عصبي يرتبط بوظائف الذاكرة العضلية، القدرات المعرفية، وتنظيم ضربات القلب، مما يجعله مكوناً بالغ الأهمية في استقرار الأداء العصبي والجسدي.
ويؤكد اختصاصيو التغذية أن نقص الكولين، رغم ندرته، يمكن أن تكون له تبعات صحية غير متوقعة، لا سيما في ظل تشابه أعراضه مع حالات شائعة أخرى مثل نقص الحديد، فيتامين B12، الفولات، مشاكل الغدة الدرقية، أو حتى اضطرابات نفسية كالاكتئاب.
وفي ظل تزايد ما يعرف بـ”ظاهرة الإرهاق الدائم”، ينصح الخبراء من يعانون من تعب غير مبرر بمراجعة نظامهم الغذائي، وعدم استبعاد احتمال نقص الكولين، عبر استشارة الطبيب وإجراء الفحوص اللازمة إلى جانب فحص باقي الفيتامينات والعناصر الغذائية.
في النهاية، يبدو أن التغاضي عن الكولين في الحمية الغذائية قد يفسر كثيراً من الشكاوى الصحية غير المبررة، ما يجعل هذا العنصر الصامت جديراً بمزيد من الاهتمام والتوعية.