اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

عبدالرقيب السنيدي… الصوت الحر والمقاتل حين تخلّى الكثيرون

فيصل باعرفة أبو زيد

الكثيرون منّا يعرفون الإعلامي المبدع عبدالرقيب السنيدي كصوتٍ لمع في قناة “عدن لايف” الجنوبية، ثم “صوت الجنوب الحر”، وحاليا مع قناة عدن المستقلة AIC- وهو اعلامي وصحفي بامتياز رسم طريقة بكل شموخ، لكن قلةً من المتابعين يدركون الحكاية الكاملة لهذا الإعلامي، وكيف شقّ طريقه بصمتٍ وتألّق كنجمٍ متألق في سماء الإعلام المهني، حتى قبل ظهور تلك القنوات.

فحين عقد العزم على خدمة وطنه، اختار سلاح الكلمة والعدسة، فانطلق في رحلة تعلم قواعد وأسس المهنة بكل إتقان وإحتراف، ليسطع نجمه من خلالها. ولم يتردد في تخصيص جزءٍ من مدخراته الشخصية لشراء كاميرا محمولة وحاسوب، ليؤسس مشروعه الإعلامي النابع من إيمانه برسالته، في زمنٍ قلّ فيه الإعلاميون الأحرار بسبب المخاطر الجسيمة التي كانت تهدد حياتهم من قبل السلطات القمعية وأدواتها المحلية.

ومع انطلاق شرارة الحراك السلمي للمتقاعدين العسكريين، كان عبدالرقيب في الصفوف الأولى، يوثّق بحرفية الفعاليات بكل ما أوتي من قوة. وعندما اتخذ الحراك منعطفاً تاريخياً بإعلان يوم للأسير الجنوبي، كان حاضراُ بقلمه وكاميرته، يغطي عدة فعاليات في اليوم الواحد، لِيُخرِج لنا في النهاية تقارير إعلامية متكاملة، تخلّد النضال وتنقل الحقيقة.

وعندما انطلقت “عدن لايف” منبراً حراً ومنفساً إعلامياً يبث من خارج أرض الوطن المحتل، كان عبدالرقيب أحد أبرز ركائزها ومصادرها الميدانية، يزين المقال بصورة، ويدعم الخبر بشهادة، فجسد بذلك مفهوم الأمانة في النقل والصدق في الطرح، وكان مراسلاً نجح في ترك بصمة لا تنسى.

والقليلون يعلمون أن عبدالرقيب كان رفيق دربي في مدرسة الشهيد غالب الرهوي باللكيدة من عام 2001م إلى 2010م. هناك، كنا نزرع بذور الانتماء الجنوبي في نفوس الطلاب، ونعزز الهوية الجنوبية الأصيلة، وننتصر للقضية الجنوبية العادلة، فكنا نحاضر طلابنا عن مظلومية الشعب الجنوبي وجراح الحرب الظالمة في صيف 94م، فتخرجت على أيدينا أجيال متشبعة بالوعي والثورة، بعضهم أكمل تعليمه الجامعي، والبعض الآخر أنهى المرحلة الثانوية، وكلهم يحملون شعلة المقاومة. وذلك قبل سنواتٍ من انطلاق الحراك السلمي في العام 2007م. حيث تولينا مع رفقاء أوفياء مهمة تأسيس فصيل لحركة “نجاح” تحت قيادة المناضل الراحل سيف سالم أبو فارس – رحمه الله – وذلك في العام 2008م، امتداداً لمؤتمرها الأول في لبعوس.

واستمرت فعاليات الأسير الجنوبي وغيرها من الفعاليات السياسية، وتنامى عدد طلابنا المتحمسين، وكنا نغرس فيهم حب الجنوب خلال الحصص الدراسية وفترات الاستراحة، ونحدثهم عن كيفية الدفاع عنه بالسلاح والقلم، فكانوا خير سندٍ لنا في فعاليات ومظاهرات مديرية باتيس الحراكية بين 2012 و 2018م.

وعند أعلان تشكيل صفوف المقاومة الجنوبية في أبين – جبهة حصن شداد – بقيادة الشيخ المجاهد يسلم الشروب لمواجهة الحوثيين والمخلوع صالح عام 2015م، وعند تكليفه عام 2016م بقيادة مقاتلة عناصر تنظيم القاعدة في أبين، فوجئنا بأن معظم أفراد المقاومة – وعددهم ألف مقاتل – كانوا من خريجي مدارس التعليم الأساسي باللكيدة وباتيس، والمناطق المجاورة، ممن عززنا فيهم حب الجنوب. وانضموا مع القائد الشروب – طيب الله ثراه – في 8 أغسطس من العام 2016م لمواجهة القاعدة من زنجبار وصولاً إلى المحفد. وجدناهم ثابتين بعزيمة لا تلين، فالتحقنا الى قوام المقاومة- مقاتلين وموجهين.

وبعد انتهاء الحملة التي استمرت شهرين تحت قيادة العقيد عبدالله الفضلي، عدنا إلى موقعنا في حبيل برق. ونظراً لاستبسال الكتيبة، كرمنا قيادة التحالف بدورة تدريبية عسكرية في جزيرة عصب بإريتريا في دورة 14 أكتوبر 2016م.

واتفقت أنا ورفيقي على أن أواصل مع أبطال المقاومة – طلابنا السابقين – بينما يبقى هو لاستكمال دوره الوطني في التغطية الإعلامية الشاملة للقضية الجنوبية، فظل يغطي جبهات الشيخ سالم ووادي سلا وفعاليات المجلس الانتقالي، حتى ألمت به الوعكة الصحية الحادة بالانزلاق الغضروفي.

شفاك يا أخي ورفيق دربي عبدالرقيب، وأطال الله في عمرك ومتعك بالصحة والعافية. وفي ختام مقالي هذا، أطلقها صرخة استغاثة مدوية إلى جميع قياداتنا المحلية والسياسية: أناشدكم بالله، وباسم النضال والتضحية والمصير المشترك…

أنقذوا رفيق دربي… أنقذوا أبا بشار.

زر الذهاب إلى الأعلى