غضبت تريم في أدنى الأرض

كتب/ صالح علي بامقيشم
هناك فرق بين أن تنتفض (تريم) وبين أن تعمل اطراف سياسية على تأجيج أي خروج شعبي احتجاجي في اي مدينة أخرى.
تريم أحد المراكز الروحية الفريدة ولاينحصر دورها على كونها المعقل الرئيس للتدين الصوفي في الجنوب بل إن التأثير الروحي والفكري لهذا الخط المتدين انعكس على السلوك البشري في هذا المكان وتجاوزه الى باقي الإطار الجغرافي فكانت قيم التسامح والاعتدال ونبذ التطرف والعنف هي التعريف الحاضر في ذهنية الجميع تجاه تريم وتأثيرها والثابت أنه ليس للمدينة اي تاريخ في” الزعبقة” وتأسيس الشعارات السياسية التي يمكن توظيفها من الأطراف المتصارعة.
ولعل تهذيب النفس والزهد في مطامع الدنيا والعفو وتجاوز أخطاء الاخر والإحسان إليه والتعالي على الماديات والاهتمام بالروح هي محددات رئيسية في شخصية الصوفي الحقيقي الذي صدرته تريم في أزمان ومراحل مختلفة.
لهذا كان من الأحداث النادرة أن تنتفض تريم مؤخرا وتخرج في احتجاجات شعبية عارمة ضد الأوضاع المعيشية البائسة وضد منظومة الفساد وهو مايمثل نقطة فارقة في مسار الحركة الاحتجاجية ككل ويشير بشكل عميق إلى أن الفساد والظلم والاستهانة بأبناء حضرموت وفي القلب منها مركزها الروحي الأساسي قد وصل إلى مستويات استدعت هذه الغضبة النادرة وقد تحمل في طياتها رسالة شديدة اللهجة إلى ترويكا السلطة الحاكمة أن صبر الناس قد بدأ ينفد وان استمرار الأوضاع على ماهي عليه لن تؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان.
لقد خرجت تريم بما تمثله من قيم متجذرة واشعاع روحي وسلمي وإنساني لتثبت أن الصمت لايعني الرضا عما يحدث إنما كان تعاليا عن الدخول في مماحكات سياسية تقودها المليشيات الناعمة بفسادها وارتهانها وفشلها.
هناك من يمتلك الثقة الكاملة أن ظهور أي شخصية ذات وزن من تريم ترفض هذا المسار السيء إداريا واقتصاديا وسياسيا كفيل بسحب البساط شعبيا من جميع من يتصدرون المشهد بمايؤدي إلى تغيير المشهد كليا
مكة، النجف الاشرف، القدس، الفاتيكان، (تريم ) هناك مدن خلقت للتسبيح والسكينة وحين تغضب فالأمر جلل، الساسة يقدرون هذا لكن الاغبياء لاينتبهون.
على مجلس القيادة الرئاسي التقاط الرسالة التي بعثتها تريم وباقي مدن الاحتجاج السلمي وإدراك فحواها حتى لا تتفاقم الأمور نحو مآلات لايعلم أحد منتهاها فالسلطة القائمة ومنهجيتها التي تستعدي الناس ولاتآبه لمظالمهم لديها خلل في الجهاز المفاهيمي ولديها تشوهات عميقة وكارثبة ستجعل مستقبلها إن لم يتم إنقاذ الوضع على المحك ومليء بالمخاطر.