في الذكرى السادسة لاستشهاد القائد / منير محمود اليافعي (أبو اليمامة)

كتب/ بشار بن عبده المحرابي
حين نزف الجنوب رجله الأقوى، وسقطت الهيبة من كتف الوطن، وارتفعت بندقيّة الرجولة إلى الله…!
لم يكن منير رجلاً عاديًا…
بل كان الجنوب إذا نهض، والحق إذا لبس بزّته، والعزّة إذا مشت على قدمين، وكانت عيونه خريطة المعركة، وصدره ساحةٌ لا يدخلها الوهن.
سقط منير؟!
لا، ما يسقط الجبل…
سقط الوطن في ركبته يوم ارتقى هو،
وما زالت الضربة في قلوبنا، كأنها البارحة، وكأن الدم ما زال ساخنًا، وكأن الجنازة ما زالت تمشي في كل شارع.
في الأول من أغسطس…
ارتقى من كان يُرعب الخصوم إذا تحدّث، ويبعثر خطط العدو إذا صمت، ويشعل ألف جبهةٍ لو لوّح بإصبعه!
ارتقى من كان يوقظ فينا الكبرياء حين نكاد نضعف، ويزرع الهيبة في البنادق حتى وهي في السكون.
كل ما مرّ هذا التاريخ،
نسمع الأرض تنادي: “وينك يا منير؟!”
كل ما حلّ صباح الذكرى،
يبكي الجنوب بحنجرته، ويصرخ الفخر في أعماقنا *: “كان هنا رجل… اسمه منير، ولقبه: أبو اليمامة، ومهنته: صناعة الرجال!”
ما زلنا نذكر الوعد…
ما زلنا نحفظ القسم الذي نطقته دماؤك،
وما زالت يدنا على الزناد،
ونحن على عهدك… لا نساوم، لا نهادن، لا نركع… إلا لله.
قتلوك؟!
لكنهم لم يقتلوا الطريق،
ولم يطفئوا الصوت،
ولم يُسقطوا الفكرة…
فالفكرة باقية، والجبهة ما زالت مفتوحة، وسيرتك دربٌ من نار نمشيه ونحمل عنك فيه الشعلة.
يا أبا اليمامة…
رحلت، لكنك تركت فينا هيبةً تمشي، وصوتًا لا يُخمد، وقضيةً لا تموت…
وكلما حاولوا إخمادك، قفز اسمك من تحت التراب صارخًا: “أنا الجنوب إن غضبتُ، خلعتُ جلدي القديم، وارتديت اسم منير!”
سلام على ملامحك وهي تمشي معنا، سلام على نداءك وهو لا يغيب،سلام على عنفوانك الذي صار جزءًا من خارطتنا،و سلامٌ على صدرك العاري… حين واجه الموت واقفًا كقائد لا يهرب!
بشار بن عبده المحرابي