محاربة بؤر الفساد واجب أخلاقي ووطني
د/ندى عوبلي
إن الفساد ليس قدرا ، بل داء يجب معالجته وبتره من جسد الوطن ليتعافى ويتعافى الشعب .
بالوعي العميق بأن محاربة الفساد ليست مجرد شعار، بل مسار وطني وأخلاقي يحتاج إلى خطة شاملة تبدأ من الجذور وتبني ثقافة جديدة للمجتمع.
فيما يلي خطة ناجعة لمحاربة الفساد، شاملة للسبل، ومبينة لكيفية البدء الواقعي:
أولاً: التشخيص — من أين نبدأ؟
الفساد لا ينبت فجأة، بل يتغلغل حين تغيب المحاسبة، ويصمت الناس، ويضعف الوازع الديني والأخلاقي.
ولذا، يبدأ الإصلاح من:
الاعتراف بوجود الفساد وعدم التستر عليه.
تحديد مصادره: هل هو إداري؟ مالي؟ سياسي؟ مجتمعي؟
رصد بيئاته الحاضنة:
أين يتمدد؟ في المناقصات؟ الوظائف؟ القضاء؟ التعليم؟ الصحة؟ الامن؟
ثانيًا: السبل الناجعة لمحاربة الفساد
1. ﹝الإرادة السياسية الجادة﹞
لا مكافحة للفساد بدون قيادة تؤمن بالشفافية وتلتزم بها.
دعم استقلالية الهيئات الرقابية وتوفير الحماية لها.
2. ﹝التشريع والمحاسبة﹞
سنّ قوانين حازمة تُجرّم كل أشكال الفساد وتُغلق الثغرات.
محاكم متخصصة بالجرائم الاقتصادية ومكافحة الكسب غير المشروع.
إقرار قانون “من أين لك هذا؟” وتفعيله بصرامة.
3. ﹝الحوكمة الإلكترونية والشفافية﹞
رقمنة المعاملات الحكومية تقلل من الرشوة والواسطة.
إعلان الموازنات والعقود والمناقصات بشكل علني.
4. ﹝دعم الإعلام الحر والمجتمع المدني﹞
حماية الصحفيين والناشطين الذين يكشفون الفساد.
إنشاء منصات للإبلاغ الآمن عن الفساد دون انتقام.
إشراك النقابات، الجمعيات، والمرأة بشكل فاعل.
5. ﹝الإصلاح التربوي والقيمي﹞
غرس مفاهيم النزاهة والعدالة في المناهج الدراسية.
بناء وعي شعبي بأن الفساد خيانة وطنية، لا مجرد “شطارة”.
دعم الرموز النزيهة وتقديمها كنماذج يُحتذى بها.
6. ﹝تحفيز النزاهة لا التهديد فقط﹞
مكافآت للعاملين النزيهين وإبرازهم إعلاميًا.
إدخال معايير النزاهة ضمن الترقية والتعيين.
ثالثًا: كيف نبدأ عمليًّا؟
البدء من المؤسسات الخدمية الأكثر تماسًا مع الناس (مثل الجمارك، التعليم، الصحة, القضاء).
تشكيل لجنة مستقلة لمراجعة الوظائف العليا والتأكد من نزاهة التعيينات.
تفعيل مبدأ: المسؤول يخضع للمحاسبة لا للتقديس.
إطلاق حملة وطنية للتوعية المجتمعية بمخاطر الفساد وأشكاله الخفية.
تأسيس “مرصد وطني للشفافية” من المجتمع المدني.
رابعًا: الشعار المركزي:
“الفساد ليس قَدرًا…
هو سرطانٌ نُشخّصه، ونقتلع خلاياه، ونبني جسد الوطن من جديد.”