اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
اخبار وتقارير

المهرة تحت التهديد.. اختراقات حوثية بدعم عُماني وصمت رسمي مريب

مطالبات بتمكين النخبة المهرية وإغلاق المعسكرات المشبوهة وسط تحذيرات من تحوّل المهرة إلى "حوثستان

المهرة تحت التهديد.. اختراقات حوثية بدعم عُماني وصمت رسمي مريب

النقابي الجنوبي/تقرير/هشام صويلح

فيما تبدو محافظة المهرة بعيدةً عن صخب المعارك التقليدية، إلا أن الوقائع المتراكمة تشير إلى أنها أصبحت ساحة مفتوحة لمعركة استخباراتية معقدة، تتقاطع فيها مصالح الحوثيين وسلطنة عُمان، وتخترق عبرها خطوط تهريب لا تقل خطرًا عن جبهات القتال.

معركة صامتة

الصحفي علي محمد سيقلي افتتح المشهد بتساؤل صارخ: “من قال إن الحرب تقف عند خطوط النار في الضالع، أو يافع، أو أبين، فهو لم يقرأ جيدًا جغرافيا المعركة”. فقد تحولت المهرة – حسب توصيفه – إلى جبهة مشتعلة بـ”الاختراقات الأمنية العُمانية” التي تنخر جسد الجنوب وتستهدف نسيجه الوطني.

سيقلي يذهب أبعد من ذلك حين يتهم سلطنة عُمان بإدارة ملف المهرة “بذكاء استخباراتي متحدثًا عن رعاية عُمانية مباشرة لشبكات تهريب سلاح، وتسهيلات مرور عناصر حوثية بواجهات متعددة، تحت أعين أجهزة أمنية “مرتبكة أو متواطئة”.

الطريق السري للسلاح والمخدرات

الناشط السياسي صالح الحنشي قدّم ما يشبه خريطة مفصلة لطريق التهريب الممتد من صنعاء إلى سواحل المهرة، قائلًا إن هذا الطريق الصحراوي محمي من قبل واحدة من أكبر مافيات الجزيرة العربية. ويضيف: “الحريزي ليس سوى أحد صغار هذه المافيا”.

وفقًا للحنشي، تحوّلت سواحل المهرة إلى “ترانزيت لإنزال المخدرات”، وأن كميات السلاح والتمويل التي تصل إلى الحوثيين عبر هذا الخط ربما تفوق ما يصلهم عبر ميناء الحديدة الخاضع لاتفاق السويد. ويتساءل: “إذا كان تحرير الحديدة واقعًا تحت فيتو الاتفاقات، فلماذا لا يُقطع هذا الخط المفتوح؟”

عمليات أمنية تكشف الغطاء

في تطور نوعي، نفذت قوات محور الغيضة عملية أمنية ضد القيادي الحوثي محمد الزايدي، الأسبوع الماضي – بحسب الصحفي صالح أبو عوذل – نُفّذت باحترافية استخباراتية، لكنها كشفت هشاشة موقف “الشرعية” والانقسام داخل مجلس القيادة الرئاسي.

وما يثير الدهشة بحسب أبو عوذل، أن قيادات محسوبة على رشاد العليمي انتقدت العملية، في حين التزم العليمي نفسه “صمتًا مريبًا”، مفضلًا لعب دور المناور السياسي بدلًا من الحسم الأمني. ويُحمّله ضمنًا مسؤولية الغموض والتقاعس، متهمًا إياه بـ”الرهان على الفوضى”.

من مأرب إلى المهرة: رحلة الزايدي

الكاتب محمد النعماني سلط الضوء على حادثة أثارت غضب الجنوبيين: عبور القيادي الحوثي محمد الزايدي من صنعاء إلى المهرة، مرورًا بمأرب ووادي حضرموت، دون أن يُستوقف.

يرى النعماني في هذا المشهد “عرضًا هزليًا جديدًا من السيرك السياسي”، ويصفه بمحاولة شمالية لـ”تصدير الفشل وشيطنة الجنوب”. وبلغة لا تخلو من السخرية، يقول: “الجنوب الذي يقاتل الحوثي، أصبح محطة تهريب لرِجال إيران!”

ويحذّر من أن هذه الحملة ليست مجرد اتهام عابر، بل تمهيد لإدخال الجنوب تحت وصاية جديدة تحت ذريعة “حمايته من الحوثيين”.

تغييب النخبة المهرية وتحديات القيادة

دعا الصحفي سيقلي إلى “إعادة انتشار القوات الجنوبية في المنافذ البرية والبحرية”، وتمكين النخبة المهرية من إدارة الملف الأمني بعيدًا عن التهميش. ويرى أن الصمت عن اختراق المهرة يمثل “خيانة للمشروع الوطني الجنوبي”، محذرًا من ولادة “حوثستان شرقية بملامح عمانية وقرار إيراني صرف”.

ومن زاوية أخرى، وجّه الناشط الجنوبي محمد عبدالقوي نداءً مباشرًا لأبناء المهرة للوقوف صفًا واحدًا خلف قائد محور الغيظة محسن مرصع الكازمي، معتبرًا أن “الاتحاد هو السبيل الوحيد لمواجهة المخططات”، مؤكدًا أن المخاطر لن تستثني أحدًا، وستطال الجميع إذا تُرك الوضع على حاله.

معسكرات مشبوهة وصمت رسمي

في تصريحاته، طالب المستشار السابق لمحافظ المهرة، أحمد بلحاف بإغلاق معسكرات الحوثيين – معسكرات الحريزي – في المهرة، وعلى رأسها “معسكر ذكوفون”، معتبرًا أن التهاون في ذلك يخدم أجندة عُمان والحوثيين، ويهدد البوابة الشرقية للوطن.

بلحاف يحذر من أن “النار ستحرق الجميع، ولن تسلم مسقط منها”، إذا لم تتخذ اللجنة الأمنية قرارات حاسمة. وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول جدية السلطة المحلية، واستقلال قرارها الأمني في مواجهة التمدد الحوثي العابر للحدود.

سؤال مركزي بلا إجابة: أين التحالف؟

وسط كل هذه الوقائع والتقارير الميدانية، يظل السؤال الأبرز: أين التحالف العربي؟ ولماذا تُترك المهرة بهذا القدر من الهشاشة والفراغ الأمني؟ وهل أصبح التراخي سياسة أم تجاهلًا متعمدًا؟

الخطوط الخلفية للمعركة تتشكل بوضوح: سلطنة عمان تدير الملف بذكاء مخابراتي، الحوثيون يتغلغلون تحت ستار العمل الإغاثي والتجاري، وقيادات الشرعية إما صامتة أو متواطئة، فيما الجنوب يُطلب منه أن يقاتل ويصمت في آن معًا.

إنذار لا يقبل التأجيل

الجنوب اليوم، وبالأخص محافظة المهرة، أمام لحظة مفصلية. فإما أن تتحرك النخب السياسية والقيادات الأمنية لقطع دابر هذا الاختراق الذي بدأ يتحول إلى احتلال غير معلن، أو أن نجد أنفسنا قريبًا أمام واقع جديد تُرسم فيه خرائط الميدان خارج حدود القرار الوطني الجنوبي.

السكوت لم يعد ترفًا، ولا التردد سياسة، والخطوط المشتعلة في المهرة ليست مجرد ظلال حرب، بل صلب المعركة القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى