اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

حينما أنقذن “العاهرات” وطنًا… وسقطت “الحكومات” في أوطانٍ أخرى!

جلال باشافعي

في إحدى صفحات التاريخ المنسية، وفي بلدة صغيرة تُدعى “أثينا” — لا أتحدث عن العاصمة اليونانية بل عن منطقة كانت تحتضر اقتصاديًا — عاش شعبٌ في أسوأ ظروف الفقر، والجوع، والانهيار. لا مصانع، لا صادرات، لا عملة صعبة، ولا حتى أمل يلوح في الأفق… كانت الدولة على حافة السقوط التام.

عقد رئيس الحكومة اجتماعًا غير مسبوق، لكنه لم يجتمع برجال الأعمال ولا الاقتصاديين ولا الخبراء. استدعى فئة منسية من المجتمع، فئة منبوذة اجتماعيًا: العاهرات.

نعم، العاهرات!

نظر إليهن وقال: “نحن نعيش كارثة، بلدنا ينهار، وليس لدينا مورد إلا أنتم. أنتم تملكون أجسادًا، وقد تُمثل هذه الأجساد آخر فرصة لنجاة هذا الوطن.”

صُدِمن في البداية، واستغربن: “وما دخلنا نحن؟”

قال لهن بوضوح: “سافِرن، واعمَلن، لكن لا تُرسلن أموالكن لأنفسكن. كل دولار تكسبنه، حوّلوه إلى البنك المركزي باسم الوطن. أموالكن ستكون محفوظة بفوائد، وستُمنحن شهادات رسمية بأنكن مناضلات ساهمتن في إنقاذ بلدكن.”

وفعلنها!

سافرن إلى بلدان متعددة، وجمعن المال بعرق الجسد… وأرسلنه إلى خزينة الدولة. سنوات مرت، تحسّن الاقتصاد، استقرّت العملة، وتعافت البلاد. واليوم تُعدّ تلك الدولة من الدول الاقتصادية الصاعدة.

لم يحملن السلاح، لم يركبن الدبابات، لم يهتفن في الشوارع، بل قدمن أغلى ما يملكن — أجسادهن — لإنقاذ وطنهن.

فالسؤال المرّ الذي لا مفر منه:

ماذا قدمت حكوماتنا الفندقية؟

ماذا قدّمتم أنتم يا من تسكنون القصور، وتنامون على وسائد من الريال والدولار، بينما الشعب جائع، عارٍ، تائه، محطم؟!

هل تجرؤون على قرار؟ هل تملكون نخوة؟ هل عندكم استعداد للتضحية بامتيازاتكم، بصفقات فسادكم، بكرسي سلطتكم؟!

أين أنتم من وطن يتساقط؟!

هل يعقل أن تكون “عاهرة” أحبت وطنها أكثر منكم؟!،وهل يُعقل أن من لا تملك شيئًا غير جسدها، ضحّت من أجله أكثر ممن يملكون المال والقرار والسلطة؟!

التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تنسى… وسيأتي يوم يُسجَّل فيه:

> أن العاهرات في أثينا أنقذن وطنهن…بينما أنتم، كنتم تراقصون الخراب على جثث الجياع!

زر الذهاب إلى الأعلى