سبع سنوات في حضن الجبل..By -Kima Al-Saadi

By -Kima Al-Saadi
في قرية بعيدة، عند سفح الجبل الذي لا يتزحزح، عاشت “رُبى”، فتاة رُزقت بصبر النخيل وهمة الأنهار الجارية منذ صغرها، كانت تجيد بناء الجسور بالحجارة التي يلقيها الآخرون في طريقها لم تكن تحلم بالكثير، فقط بمكان يليق بجهودها، ولكن الجبل لا يهتم بالأيدي التي تحمل صخوره
عندما بلغت النضج، قررت “رُبى” أن تتسلق الجبل لتصل إلى قمته، حيث قرأت بالأساطير أن الحكماء يجلسون هناك، يتشاورون ويتخذون القرارات العظيمة كانت مستعدة، فهي تعلم بممرات الجبل الوعرة، ولكنها لم تكن تعى أن القمم لا تُمنح لمن يتقن الصعود، بل لمن يحمل مفتاحاً غير مرئي في جيبه
في محاولتها ، رأت رجالاً يصعدون بسرعة الريح، لا يحملون زاداً ولا يعرفون الطريق، لكنهم يصلون إلى القمة بمجرد أن يشير إليهم شيخ الجبل “ دعه يمر” كما شاهدت فتيات يُحملن على كراسي خشبية من قِبل حُراس الممرات، لأن أحد الحكماء قال “دعُوهن يتقدمن، فهذه دروبهن”
أما هي؟ فقد كانت هناك، تمشي وحدها، تبحث عن صوت يقول: “دعُوها تتقدم”
لكنه لم يُسمع قط . فكانت تقطع الأشواط الطويلة، وتحمل ألاحجار الثقيلة ليس فقط لمسيرتها ولكن لمساعدة الآخرين في ترميم دروبهم الوعرة وعندما كانت تصل إلى منتصف الجبل، كانت تسمع صوتاً يأتي من القمة، يقول:
“رُبى! الجبل يحتاج لامرأة تنظم الأحجار، لا واحدة تريد أن تجلس بين الحكماء”
كلما طلبت مكاناً يليق بها، كان يُقال لها: “نحتاجك هنا، أسفل الجبل، أنتِ تصنعين الدروب أفضل من غيرك”
وحين كانت تشير إلى الذين تسلقوا بلا مجهود، كانت الأعين تُشيح عنها، وكأنهم لا يرون ما تراه
“إنهم موهوبون”
– لكنهم لا يعرفون الفرق بين الصخر والحصى
“لا بأس، سيتعلمون
في ليلة مظلمة، جلست عند سفح الجبل، تتأمل الذين تجاوزوها، كانت تظن أن الجهد سيجلب التقدير، أن السنوات التي أفنتها ستمنحها مكاناً بين أهل الجبل، لكنها أدركت الحقيقة متأخرة الجبل لم يكن ظالماً، لكنه لم يكن منصفاً أيضاً لم يكن رد الجميل باباً يُفتح، ولا مقعداً يُمنح، وكأنها لم تكن هنا يوماً لم يغفلوا عن قيمتها، بل اختاروا تجاهلها، لأن الاعتراف بها كان سيعني أنهم مدينون لها
وفي الصباح، حملت حقيبتها، نظرت إلى الجبل نظرة أخيرة، ثم سارت باتجاه البحر لم تعد القمم تستهويها، فقد ولدت لتكون بحراً، لا جبلاً، بحراً لا يحتاج إذن ليتمدد.
By -Kima Al-Saadi