قضايا ملحّة أمام الاعلام الجنوبي
مفاهيم تزييف الحقائق " تعبير الوحدة اليمنية"

كتب:د. نصر هرهرة
أدت اليمننة السياسية للجنوب العربي وخلط السياسي بالجغرافي إلى ظهور مفاهيم عدة لتزييف الواقع منها الهوية الواحدة، والشعب الواحد، والأرض الواحدة.
واليمن كجهة أستخدم كهوية و أطلقت لأول مرة على المملكة المتوكلية اليمنية 1918م , وأفرز ذلك مفاهيم الشعب اليمني و الأرض اليمنية و الجنوب اليمني و الشمال اليمني و الشطر الجنوبي و الشطر الشمالي والثورة الواحدة … الخ, وكلها مفاهيم مزيّفة للواقع ولكنها ساعدت على خلق بيئة داعمة لليمننة دون مراعاة لمصالح شعب الجنوب العربي وهويته والاختلافات الجوهرية الاجتماعية والثقافية والديمغرافية والاقتصادية والسلوكية واختلاف الأنظمة السياسية وظهر مفهوم الوحدة اليمنية وهو المفهوم الخادع الماكر الأكثر تزٌييف للواقع وانتقل الامر إلى إيجاد الأداة السياسية لتحقيق هذه الوحدة وهو ما سُمي بحزب الوحدة الشعبية (حوشي) الذي تم دمجه داخل الحزب الاشتراكي اليمني , وبدون هوادة تم السير على عجل وبدون استفتاء شعب الجنوب العربي جرى الإعلان عن اتفاق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م بين (ج.ي.د.ش) و (ج.ع.ي) على أن تُحقق الوحدة خلال مرحلة انتقالية ولكن هذا الاتفاق تعثر وفشل تحقيقه وشن اليمن حرباً ضروساً على الجنوب لأكثر من مائة يوم , تحارب الجيشان و الشعبان … الخ على الحدود .
واستعان الشمال بالفتاوى التكفيرية للجنوب و استخدام العائدين من أفغانستان و اجتياح الجيش الشمالي للحدود الجنوبية وتم تدمير كل ما هو جنوبي وتعميم المفهوم المزيف الوحدة اليمنية؛ ففي الوقت الذي كان هذا المفهوم قبل هذه الحرب مزيفاً للواقع بهدف يمننة الجنوب العربي و ضمه وإلحاقه , فإنه بعد الحرب قد استخدم كمفهوم مزيف لواقع مابعد الحرب (واقع الاحتلال ,ضم والحاق) تحت مسمى مفهوم الوحدة ,أي أنه أطلق على الاحتلال والضم والالحاق ُمسمى الوحدة وهو تزييف للحقائق وتحت هذا المفهوم ارتكبت أبشع الجرائم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحق شعب الجنوب وكبح كل من ينادي بحقوق مشروعه, وظهرت مفاهيم جديدة مثل تعابير الدفاع عن الوحدة اليمنية، الوحدة الوطنية (وهذا المفهوم بذكر الوحدة بين “ج. ي. د. ش” و “ج. ع. ي”) ، الوحدة أو الموت إعادة الوحدة اليمنية وهذه كلها تعابير مزيفة للحقائق وتخفي في ثناياها استباحة الأرض ونهب الموارد و المقدرات و تهميش الجنوبيين و محاول اخماد أي صوت مقاوم ,لذلك انكروا ثنائية الوحدة , أي إنكار للوحدة ذاتها في المضمون وماهي إلا مفهوم مزيف يستخدم كشعار بالنسبة لهم .
وهناك عدة دلائل تؤكد ذلك , فقد قال الرجل الثاني في نظام(ج.ع.ي)الجنرال علي محسن الأحمر أننا كنا ندير الجنوب بطريقة استعمارية ,كما أكد شيخهم الكبير رئيس مجلس النواب سابقا ًعبدالله بن حسبن الأحمر في مذكراته، بأنه قد تم الاتفاق بينهم على انسلاخ الإخوان المسلمين من المؤتمر الشعبي العام و تأسيس حزب الإصلاح المتدثر دينيا والعمل كمعارض بحيث يعرقل اتفاقات الوحدة بين (ج.ي.د.ش) و (ج.ع.ي) ، والالتفاف على الوحدة وتحويلها إلى ضم والحاق كما قال وزير خارجيته الدكتور الارياني ” لقد تم التهام الجنوب ولم يبقَ سوى هضمه ” كما امتنع الانسي زعيم الاخوان في اليمن و الارياني وزير الخارجية في دافوس من الاعتراف بثنائية الوحدة , وقال رئيس البرلمان في مكان آخر أن الفرع قد عاد إلى الأصل. كل ذلك ُيؤكد زيف تعبير الوحدة اليمنية وهو يستخدم اليوم في سياستهم الخارجية استخداماً جائراً ضد إرادة شعب الجنوب وحقه في تقرير مصيره من خلال مفاهيم مزيفة أيضاً , كالحفاظ على الوحدة اليمنية ، تحت سقف الوحدة اليمنية ، عدم تجزئة الأرض اليمنية , وقد نجحت خلال الفترة الماضية سياستهم تلك ونسمع تصريحات من هنا وهناك من قبل دبلوماسيين حول الحفاظ على وحدة اليمن ووحدة أراضيه وهذا تسطيح للأمور ومحاولة للتظليل على مطالب شعب الجنوب في استعادة سيادته على أرضه ودولته المستقلة التي كانت قائمة قبل 22 مايو 1990م , وعضو في الأمم المتحدة و هيئاتها المختلفة و الجامعة العربية ومختلف هيئاتها الإقليمية والدولية. ولم تكن يوماً جزءاً من أي دولة يمنية أو هوية يمنية أو أرض يمنية , قبل يمننة الجنوب العربي.