اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

يوسف النجار يكتب: لا سلام إلا باحترام حق الجنوب في تقرير مصيره

يوسف النجار

في الوقت الذي تتكثّف فيه الجهود الدولية والإقليمية لدفع عملية السلام في اليمن، يتبيّن يومًا بعد آخر أن أي مسار سياسي لا يضع القضية الجنوبية في موقعها الصحيح لن يُكتب له النجاح. فجنوب الوطن، بكل محافظاته من عدن والضالع ولحج وأبين، إلى شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى، لم يعد ساحة جانبية، بل هو محور المعادلة وصانع أهم مفاصل الاستقرار أو الانفجار في المنطقة.

لقد عانى الجنوب عقودًا من التهميش السياسي والاقتصادي، وتعرّض لأعتى موجات الصراع التي امتدت من شوارع عدن وأحياء الضالع إلى جبال أبين وصحارى شبوة وسواحل حضرموت وأودية المهرة وصولًا إلى أرخبيل سقطرى. وفي كل هذه المحطات، قدّم الجنوبيون تضحيات جسيمة دفاعًا عن أرضهم وحقهم في حياة كريمة وهوية سياسية واضحة.

ولهذا، فإن أي خارطة سلام لا تعترف صراحةً بحق الجنوب في تقرير مصيره، لن تكون سوى وصفة جاهزة لتكرار الأخطاء وإعادة إنتاج الصراعات. إن تجاهل إرادة الملايين في الجنوب تحت مبررات “الحلول الشاملة” أو “المرجعيات التقليدية” هو تجاهل لحقائق الأرض، ولتاريخ طويل لم ولن يُمحى من ذاكرة شعب دفع أثمانًا باهظة في سبيل كرامته.

إن الجنوب اليوم يمتلك قيادة سياسية موحدة، وقوات قادرة على حماية الأرض، وشارعًا متماسكًا يؤكد يومًا بعد يوم أن خيار الاستقرار يبدأ من الاعتراف بحقه المشروع. فالشعوب التي تمرّ بتجارب كالتي مرّ بها الجنوب لا يمكن أن تعود إلى الوراء، ولا يمكن لها أن تقبل تسويات مؤقتة تُدار من بعيد.

إن التحذير هنا ليس تهديدًا، بل قراءة واقعية مبنية على التاريخ القريب:
أي عملية سلام تتجاهل الجنوب أو تحاول الالتفاف على إرادة محافظاته الثماني، لن تنجح، وستتلاشى عند أول احتكاك ميداني أو سياسي.
فالسلام لا يُصنع بفرض التصورات، بل بقبول الحقائق، وأبرزها أن الجنوب اليوم يملك قراره ولن يسمح بتكرار المآسي التي عاشها في العقود الماضية.

ختامًا، إن الطريق الوحيد لسلام دائم يبدأ من الاعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره، وتثبيت مكانته كطرف رئيسي في صياغة مستقبل المنطقة. وما دون ذلك، لن يكون إلا سلامًا هشًّا سرعان ما يتصدّع أمام أول اختبار، كما حدث مرارًا في تاريخ الصراع اليمني.

زر الذهاب إلى الأعلى