اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

#علي ناجي سعيد: ناكرو الجميل

علي ناجي سعيد

على مدى عقود، فتحت عدن قلبها قبل أبوابها لأبناء العربية اليمنية، فكانت لهم المأوى الآمن، ومصدر العيش الكريم، ووفرت لهم المساواة الكاملة مع أبنائها، بل وتجاوزت ذلك بمنحهم امتيازات وحقوقًا فاقت أحيانًا ما حصل عليه أبناء المدينة الأصليون. غير أن أحداث ما بعد صيف 1994م كشفت أن هذا الإحسان لم يترسخ في وجدان الكثير منهم، وأن روابطهم الحقيقية ظلت مشدودة إلى مناطقهم وقبائلهم في اليمن.

العودة إلى الجذور بعد 1994م
مع احتلال الجنوب في صيف 1994م، بدا واضحًا أن الانتماء القبلي والمناطقي لأبناء العربية اليمنية طغى على أي شعور بالانتماء لعدن. فقد عمدوا إلى ربط أسمائهم بمناطقهم وقبائلهم اليمنية، بينما لم نجد من يضيف “العدني” إلى اسمه كما فعلوا مع أسماء قبائلهم. هذا الموقف لم يكن مجرد اختيار شخصي، بل رسالة غير مباشرة مفادها أن ارتباطهم بعدن كان ارتباط مصلحة لا هوية.

محاولة تغيير الهوية بعد 2015م
وبعد تحرير عدن والجنوب من الغزو الثاني بقيادة الحوثي–عفاش عام 2015م، وانقلاب الموازين لصالح الجنوب، لوحظت ظاهرة معاكسة؛ إذ بدأ الكثير منهم بإزالة أسماء قبائلهم ومناطقهم اليمنية من أسمائهم الشخصية، وظهرت على السطح مصطلحات مثل “العدانية” و”العدني المولّد” وغيرها. هذه الخطوة لم تأتِ بدافع الإيمان بهوية عدن الجنوبية، بل كمحاولة لتثبيت أحقية البقاء والانتماء، ولتوظيف ذلك سياسيًا في سياق الإصرار على تصوير عدن كجزء أصيل من اليمن، لا كعاصمة لدولة الجنوب الممتدة من المهرة شرقًا حتى باب المندب غربًا.

الخاتمة
إن قراءة هذه التحولات تكشف أن الانتماء الحقيقي لا يُقاس بسنوات الإقامة أو حجم الامتيازات، بل بصدق الموقف عند لحظات الحسم. وعدن، التي كانت وما زالت رمز التسامح والتعايش، مطالبة اليوم بحماية هويتها من محاولات التذويب السياسي، والتصدي لكل من يسعى لتزييف تاريخها ومكانتها كعاصمة للجنوب

زر الذهاب إلى الأعلى