اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
مقالات الراي الجنوبي

بξسسة.. البس يحب خناقه

علي محمد سيقلي

في بلادنا العجيبة، لا تحتاج إلى ذاكرة حديدية ولا إلى خيال سياسي واسع لتدرك أننا نعيش في مسرحية عبثية عنوانها: “أدبني لأحس بأمان”.

نحن شعوب تعشق الصفعات، تهوى الكرباج، وتستمتع بصوت النعال وهي تهوي على رؤوسها، ثم تخرج بعد كل جولة جلْد تهتف للحاكم: يا زعيم ارجع ارجع أدبنا لما نشبع.

نحن شعوب تملك ذاكرة الذبابة، تمسح ما مضى مع أول إشراقة شمس جديدة، وكأن الأمس بكل مآسيه كان مجرد حلم سيئ، بينما الحاضر أسوأ منه.
سرعان ما تفكر باعادة تدوير الديكتاتوريات كما تعيد تدوير الزبالة، وتضع القتلة واللصوص في واجهة المشهد السياسي بكل رضا وسكينة، ثم تتساءل بدهشة:
“لماذا يسرقوننا ويقمعوننا اليوم؟”

نحن شعوب لا نفكر بالجدير بمن يحكمنا بقدر ما نفكر بمن يجلدنا بلطف ويهين كرامتنا برفق وحنية

شعوب تبحث عن من يزرع فيها شعور الأمان ولو كان ذلك الأمان تحت حذاء حاكم لا يرحم.
نحتاج دائمًا إلى “أبٍ كبير” يعاملنا كأطفال أغبياء، يوبخنا، يحبسنا في الغرف المظلمة، ثم ننام مطمئنين لأن الأب القاسي من وجهة نظرنا “رحمة للعالمين” لطالما وهو يتنفس فوق صدورنا.

والمصيبة أنه ليس لدينا في مرمى عقولنا بديل سوى الهروب إلى الأمام، وكأننا أمة قدر لها أن تكمل حياتها تحت مظلة دكتاتور واحد لا شريك له.

نهرب من قاتل إلى قاتل، ومن جلاد إلى جلاد، وكأننا نمارس رياضة وطنية اسمها “تسليم الرقاب”.
وعندما يطل علينا منقذ جديد بوجه بشوش وخطاب منمق، نصدق أنه المخلّص المنتظر، نعلق صورته على الجدران، ثم نكتشف بعد سنوات أن المخلص كان أسوأ من سابقيه، فنعود لنبكي على عهد الطغاة السابقين ونقول:
“أيام زمان كانت أرحم، ويا ليتها تعود”

أيتها الشعوب الطيبة، يا من تبحث عن الخلاص في حضن جلادك، وتستمتع بحكاية الأمان المزيف تحت رحمة حاكم لا يرحم:
تهانينا، لقد فزتم بجائزة أفضل شعب في مسرحية هابطة لا نهاية لها.
استمتعوا بالعروض القادمة، فالتذاكر مجانية، لكن الكلفة دائمًا تدفع من دمكم وكرامتكم، لأن المخرج اليوم يعزف على نغمة أحلامكم الغبية.

وسيفعلها تلبية لرغبتكم،،
اطمئنوا

زر الذهاب إلى الأعلى