اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

الأمم المتحدة في خدمة الحوثيين؟

النقابي الجنوبي/رصد وتحرير: هشام صويلح

هل يمكن لمبعوث أممي أن يساهم في ترسيخ سلطة جماعة انقلابية من خلال “خرق اقتصادي”؟ وهل أصبح الصمت الدولي تواطؤًا معلنًا عندما لا يقابل تزوير العملة بأي إجراء؟ في مقال لافت، وجه الكاتب الصحفي الجنوبي فضل مبارك اتهامًا صريحًا للمبعوث الأممي إلى اليمن، معتبرًا إياه جزءًا من “خط الدفاع الأول” عن جماعة الحوثيين، وذلك في سياق تجاهله المتكرر لخروقات مالية خطيرة تقوم بها الجماعة بدعم غير مباشر من الأمم المتحدة، بحسب وصفه.

تحليل موقف المبعوث الأممي من صك العملة الحوثية

يفتح مبارك النار على تصريح للمبعوث الأممي الذي وصف فيه قيام الحوثيين بصك عملة جديدة من فئة 200 ريال بأنه مجرد “خرق لتفاهمات اقتصادية”، دون أي إشارة إلى خطورة هذه الخطوة على المستوى القانوني أو السياسي أو النقدي. يقول الكاتب: “المبعوث قد هوى بنفسه إلى تفسير فعل صك العملة كشيء عادي… لا يستحق أي إجراء، ولو حتى عتب على جماعة الحوثي”.

المفارقة التي يشير إليها الكاتب ليست في أن جماعة انقلابية تقوم بخطوة مالية أحادية للمرة الثالثة، بل في أن المبعوث الأممي يراها قابلة للترقيع، في حين أن مثل هذه التصرفات – بحسب مبارك – تدخل في صلب الحرب الاقتصادية التي لا تقل خطرًا عن البنادق والمدافع، إن لم تكن أشد فتكًا.

ويضيف بلهجة ساخرة تعكس استياءه العميق: “صك عملة جديدة بدون وجه حق قانوني… ولم يشكل هذا الأمر في نظر المبعوث أي خطورة سوى أنه مجرد خرق يمكن ترقيعه.”

الأمم المتحدة كطرف “حامٍ” لجماعة الحوثيين

ينتقل فضل مبارك من تحليل الموقف الآني إلى تفكيك الأداء الأممي في اليمن خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. يقول: “قلنا منذ زمن إن مبعوثي الأمم المتحدة المتعاقبين علينا يمارسون دورًا مشبوهًا، وإنهم مهدوا الطريق للحوثيين كي يمددوا سيطرتهم إلى أقصى بقاع البلاد تحت حماية الأمم المتحدة ومجلس أمنها.”

ويستعرض أمثلة مفصلية يعتبرها شواهد دامغة على هذا التحيز، منها:

-اتفاق استوكهولم: الذي حمى الحوثيين في الحديدة ومنحهم ميزة استراتيجية.

-ملف السفينة صافر الذي استُخدم كذريعة إنسانية دون اتخاذ خطوات عملية لحل المشكلة.

-رفض نقل المخصصات المالية من صنعاء إلى عدن، رغم أهمية هذه الخطوة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

بل إن المبعوث، وفقًا لمبارك، كان قد ثار غاضبًا حين طُلب منه البنك المركزي في عدن تحويل مخصصات المنظمات إلى حساباته، قائلًا إنه سيعرقل عمله ويعطل خارطة الطريق. هذا التصرف، كما يرى الكاتب، يعكس خدمة واضحة للحوثيين ويمنحهم اعترافًا ضمنيًا بمخالفاتهم الصريحة للقوانين المالية الدولية.

سياسة الإفلات من المحاسبة تشجع على التمادي

في عرضه لوقائع صك العملة، يؤكد مبارك أن الحوثيين قاموا خلال عامين بصك ثلاث فئات: 100، 50، وأخيرًا 200 ريال. ويقول: “الجماعة زرقت بطُعم في المرة الأولى وشاهدت أن الموضوع مضى على أحسن ما يرام بمباركة أممية… فأعجبتها اللعبة وتوالت عمليات الصك.”

ويكشف الكاتب عن أحاديث مسربة تفيد بأن الجماعة بدأت أو شرعت فعليًا في صك فئات جديدة من العملة (500 و1000 ريال)، في محاولة – كما يرى – لـ”فرض سياسة نقدية انتقامية” ردًا على قرار نقل إدارة البنك المركزي إلى عدن.

نقد الشرعية: “يهزوها وهي في الجفير”

ينقل مبارك انتقاده اللاذع للحكومة الشرعية والبنك المركزي، متهمًا إياهم بالتقاعس والعجز عن الرد على ما وصفه بـ”الضربات الاقتصادية الحوثية”. يقول بأسلوب ساخر وناقم:
“المشكلة الأدهى والأمر أن الحكومة ومجلس القيادة ومعهم البنك المركزي، يهزوها وهي في الجفير.” ويضيف: “فاعلية جهدهم لا تعدو أن تكون في تصريح أو خطاب استنكار.”

من وجهة نظره، فإن التعامل مع صك العملة الحوثي يجب ألا يكون ببيانات شجب، بل بإجراءات سيادية قوية تعكس إرادة سياسية حقيقية. ويستدرك بسخرية: “إذا استمر حال الشرعية هكذا في تلقي (ضربات) الحوثيين بصدر رحب وتأمين أممي، فبلاش تعذيب الناس مدة أطول (أعقلوها وتوكلوا).”

سؤال مخيف: هل الأمم المتحدة وسيط نزيه؟

يختم فضل مبارك مقاله بطرح سؤال محوري:
هل الأمم المتحدة وسيط نزيه في اليمن فعلًا؟ أم أن صمتها وتهوينها للخروقات الحوثية يشير إلى انحياز ضمني لتكريس واقع الانقلاب؟

في ظل هذا “التواطؤ”، يلمح الكاتب إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد المزيد من الفوضى النقدية، وسط صمت دولي وتحلل من المسؤولية. ويحذر من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، ما لم تتحرك الجهات السيادية الشرعية سريعًا لكسر هذه الهيمنة المالية التي تُصاغ بغطاء أممي.

زر الذهاب إلى الأعلى